عظم أمرها فتفاقم شرها فلا يكاد يقاومها أحد ، فلما عرضوه لما قصدته فتوجه إليها وركب عليها فطارت في الميدان قدر خمسين ذراعا الى أن قرت ، فلما قرت قال له الأفرم : أطير بها الى فوق أشياء أخر ، فقال : لا ، ثم أحسن تلقيه واكرم نزله ، وطلب التوجه الى القدس الشريف فأعطاه الأفرم من خزائنه ألفي درهم فأباها وأخذها جماعة فزار وعاد ودخل البلاد ، ومات تحت السيف صحبة قطليجا (١) نائب قازان ، فأول ما ظهر ذلك للقان قازان فأحضره وسلط عليه سبعا ضاريا فركب على ظهره ولم ينل منه شيئا ، فأعظم ذلك قازان ونثر عليه عشرة آلاف دينار فراح ولم يتعرض لشيء منها ، وكان معه محتسب على جماعته يؤدب كل من ترك سنة من السنن عشرين عصا تحت رجليه ، ومعه طبل خاناه ، وكان شعاره حلق الذقن وترك الشارب فقط وحمل الجو كان على الكتف ولكل منهم قرنا لباد يشبهان قرني الجاموس ، وهو بقر محناة ، وعليهم الأجراس وكل منهم مكسور الثنية إلا أنه كان يلازم الصلاة والتعبد ، فقيل له في ذلك فقال : اردت بهذا الشعار أن أكون مسخرة للفقراء ، وعلى الجملة فكانوا أشكالا عجيبة ، حتى أنهم حاكوهم في الخيال ، ونظم فيهم الأديب السراج ثم ذكر نظمه الى آخره. وقال في ذيل العبر : في سنة ست وسبعمائة قدم من الشرق الشيخ براق العجمي في جمع نحو المائة وفي رؤوسهم قرون من لبابيد ، ولحاهم دون الشوارب محلقة ، وعليهم أجراس ، ودخلوا في هيئة غريبة يجرون بشهامة ، فنزلوا في المنيبع ، ثم زاروا القدس ، وشيخهم من ابناء الأربعين ، فيه إقدام وقوة نفس ، وكان يدق له توبة ، وأنفذ اليه الاكابر غنما ودراهم انتهى.
٢٦٨ ـ التربة السنبلية العثمانية
شرقي تربة الجيغاي شمالي تربة مختار ، أنشأها الأمير سنبل بن عبد الله الطواشي عتيق ملك الامراء الطنبغا العثماني ، وباشر الزمامة لملك الامراء سودون ابن عبد الرحمن. قال الأسدي في شوال سنة سبع وعشرين ما صورته : وفي يوم
__________________
(١) ابن كثير ١٤ : ٤٩.