المحروسة في جرن رخام فدخل في القلعة ، وحين استيلاء التتار المخذولين على حلب وقلعتها قنل من قلعتها إلى جامعها ، وأنبأ ابو محمد الأكفاني (١) عن كعب في قول الله عزوجل (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) الآية. فقال : إذا هدمت كنيسة دمشق ، يعني كنيسة يوحنا ، فبنيت مسجدا وظهر لبس القصب ، فحينئذ تأويل هذه الآية ، فهدمها الوليد. وقرأت على أبي محمد السلمي (٢) عن يحيى بن عمر ونحوه ، وأنبأ أبو الفضل القاسم السمرقندي عن يعقوب بن سفيان (٣) قال سألت هشام بن عمار (٤) عن قصة مسجد دمشق وهدم الكنيسة قال : كان الوليد قال للنصارى من أهل دمشق إنا أخذنا كنيسة توما عنوة والكنيسة الداخلة صلحا ، فأنا أهدم كنيسة توما ، قال هشام : وتلك أكبر من الداخلة ، قال فرضوا أن يهدم الكنيسة الداخلة فهدمها وأدخلها في المسجد ، قال وكان قبلة المسجد اليوم بالمحراب الذي يصلى فيه ، قال : وهدم الكنيسة في اول خلافة الوليد سنة ست وثمانين ، وكانوا في بنائه سبع سنين حتى مات الوليد ولم يتم بناؤه ، فأتمه سليمان من بعده.
وفي كتاب البلاذري (٥) في البلدان : قالوا لما ولي معاوية بن أبي سفيان أراد أن يزيد كنيسة يوحنا في الجامع فأبى النصارى ذلك فأمسك ، ثم طلبها عبد الملك في أيامه للزيادة في المسجد وبذل لهم مالا فأبوا ، ثم إن الوليد بن عبد الملك ابن مروان جمعهم في أيامه وبذل لهم مالا عظيما على أن يعطوه إياها فأبوا فقال : لئن لم تفعلوا لأهدمنها ، فقال بعضهم : يا أمير المؤمنين إن لهذه الكنيسة شأنا إن من هذه هذه الكنيسة جنّ أو أصابه عاهة فأحفظه قولهم ، ودعا بمعول وجعل يهدم حيطانها بيده وعليه قباء خز أصفر ، ثم جعل الفعلة والنقاض يهدمونها ، وبنى الجامع ، فلما ولي عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه شكا النصارى إليه ما فعل الوليد بهم في كنيستهم ، فكتب إلى عامله يأمره برد ما زاده في الجامع
__________________
(١) شذرات الذهب ٤ : ٧٣.
(٢) شذرات الذهب ٤ : ٧٨.
(٣) شذرات الذهب ٢ : ١٧١.
(٤) شذرات الذهب ٢ : ١٠٩.
(٥) ابن كثير ١١ : ٦٩.