بها ، المعنى الثاني أنه القهار دان كل شيء لعظمته وخضع كل مخلوق لجبروته بها دينه ودنياه ، كما قال تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) [الأنفال : ٦٤] فقوله ومن اتبعك ، عطف على الكاف في حسبك ، أي حسبك ومن اتبعك الله ، ولا يجوز عطفها على لفظ الجلالة ، لأن الحسب بمعنى الكافي من خصائص الرب جل شأنه لا يجوز أن يكون له ند فيه ، ولهذا قال سبحانه : (وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا ما آتاهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ سَيُؤْتِينَا اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللهِ راغِبُونَ) [التوبة : ٥٩] فجعل الإيتاء لله ورسوله ، وجعل الحسب والرغبة لله عزوجل وحده ، وقال تعالى : (أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ) [الزمر : ٣٦] فجعل الكفاية وهي بمعنى الحسب لله وحده ، فكفاية الله لعبده بحسب ما قام به من متابعة الرسول ظاهرا وباطنا وقيامه بعبودية الله تعالى ، ومن الحسيب أيضا أنه الذي يحفظ أعمال عباده من خير وشر ويحاسبهم عليها ، كما في قوله : (إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً) [النساء : ٨٦](وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً) [الأحزاب : ٣٩].
* * *
وهو الرشيد فقوله وفعاله |
|
رشد وربك مرشد الحيران |
وكلاهما حق فهذا وصفه |
|
والفعل للارشاد ذاك الثاني |
الشرح : قال العلامة السعدي رحمهالله في شرحه لهذا الاسم الكريم : (يعني أن (الرشيد) هو الذي قوله رشد وفعله كله رشد ، وهو مرشد الحيران الضال ، فيهديه الى الصراط المستقيم بيانا وتعليما وتوفيقا).
فالرشد الدال عليه اسمه الرشيد وصفه تعالى ، والارشاد لعباده فعله.
فأقواله القدرية التي يوجد بها الأشياء ويدبر بها الأمور كلها حق لاشتمالها على الحكمة والحسن والاتقان. وأقواله الشرعية الدينية هي أقواله التي تكلم بها في كتبه وعلى ألسنة رسله المشتملة على الصدق التام في الأخبار والعدل الكامل في الأمر والنهي ، فإنه لا أصدق من الله قيلا ولا أحسن منه حديثا (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ