صِدْقاً وَعَدْلاً) [الأنعام : ١١٥] في الأمر والنهى ، وهي أعظم وأجل ما يرشد بها العباد ، بل لا حصول للرشاد بغيرها ، فمن ابتغى الهدى من غيرها أضله الله ، ومن لم يسترشد بها فليس برشيد ، فيحصل بها الرشد العلمي وهو بيان الحقائق والأصول والفروع والمصالح والمضار الدينية والدنيوية ، ويحصل بها الرشد العملي ، فأنها تزكي النفوس وتطهر القلوب وتدعو الى أصلح الأعمال وأحسن الأخلاق ، وتحث على كل جميل وترغب عن كل ذميم رذيل ، فمن استرشد بها فهو المهتدى ، ومن لم يسترشد بها فهو ضال ، ولم يجعل لأحد عليه حجة بعد بعثته للرسل وإنزاله الكتب المشتملة على الهدى المطلق ، فكم هدى بفضله ضالا وأرشد حائرا ، وخصوصا من تعلق به وطلب منه الهدى من صميم قلبه ، وعلم أنه المنفرد بالهداية) ١ ه.
* * *
والعدل من أوصافه في فعله |
|
ومقاله والحكم في الميزان |
فعلى الصراط المستقيم إلهنا |
|
قولا وفعلا ذاك في القرآن |
الشرح : ومن أسمائه سبحانه أنه (العدل) وهو في الأصل مصدر وصف به للمبالغة ، وأصل العدل والمعادلة المساواة ، يقال هذا عدل ذلك ، وعديله أي نظيره ، ومساويه.
وهو سبحانه موصوف بالعدل في فعله ، فأفعاله كلها جارية على سنن العدل والاستقامة ، ليس فيها شائبة جور أصلا ، فهي دائرة كلها بين الفضل والرحمة ، وبين العدل والحكمة كما قدمنا ، وما ينزله سبحانه بالعصاة والمكذبين من أنواع الهلاك والخزي في الدنيا وما أعده لهم من العذاب المهين في الآخرة ، فانما فعل بهم ما يستحقونه ، فانه لا يأخذ الا بذنب ، ولا يعذب الا بعد اقامة الحجة. وأقواله كلها عدل ، فهو لا يأمرهم الا بما فيه مصلحة خالصة أو راجحة ، ولا ينهاهم الا عما مضرته خالصة أو راجحة. وكذلك حكمه بين عباده يوم فصل القضاء ووزنه لأعمالهم عدل لا جور فيه ، كما قال تعالى : (وَنَضَعُ الْمَوازِينَ