والقابض والباسط والمانع والمعطي ونحوها ، فهو سبحانه المقدم لبعض الأشياء على بعض ، إما تقديما كونيا كتقديم بعض المخلوقات في الوجود على بعض وكتقديم الأسباب على مسبباتها والشروط على مشروطاتها ، وإما تقديما شرعيا معنويا كتفضيل الأنبياء عليهمالسلام على سائر البشر وتفضيل بعض النبيين على بعض ، وتفضيل العباد كذلك بعضهم على بعض وهو سبحانه المؤخر لبعض الأشياء عن بعض أما بالزمان أو بالشرع كذلك.
والتقديم والتأخير صفتان من صفات الأفعال التابعة لمشيئته تعالى وحكمته وهما أيضا صفتان للذات إذ قيامهما بالذات لا بغيرها ، وهكذا كل صفات الأفعال هي من هذا الوجه صفات ذات حيث أن الذات متصفة بها ، ومن حيث تعلقها بما ينشأ عنها من الأقوال والأفعال تسمى صفات أفعال.
ولهذا غلط علماء الكلام من الأشاعرة حين ظنوا أن هناك نوعين مختلفين من الصفات أحدهما قائم بالذات لازم لها ، كصفات المعاني السبعة التي هي العلم والقدرة والإرادة والحياة والسمع والبصر والكلام ، والثاني صفات أفعال لا تقوم عندهم بالذات ، بل هي نسب إضافية عدمية تنشأ من إضافة المفعول لفاعله ، ولا يعقل لها وجود إلا بتلك الاضافة فوجودها أمر سلبي ، وليس لها وجود في نفسها ، فليس ثمت عندهم موجود الا المفعولات ، وأما الأفعال فنسب وإضافات.
وهذا قول باطل مخالف كما قدمنا لما دل عليه الكتاب والسنة وإجماع السلف ، بل والعقل أيضا الذي يقضي بأن تكون صفات الأفعال قائمة بمن فعلها ، ويكون متصفا بها من قالها أو عملها ، إذ لا يتصور في العقل مفعول من غير فعل ، ولا مخلوق من غير خالق ، كما لا يتصور أحد اسما مشتقا ولا يكون دالا على صفة في المحل المسمى به.
والذي أوقعهم في هذا الغلط الشنيع أن صفات الأفعال عندهم لا تكون إلا حادثة لتعلقها بالمفعولات الحادثة ، فيستحيل عندهم قيامها بذاته تعالى ، لأن قيام