الحوادث به مستلزم لحدوثه ، فارتكبوا بهذه الأكذوبة أعظم جناية على الدين ، حيث نفوا كل الصفات الفعلية التي جاء بها الكتاب والسنة من الاستواء على العرش والنزول إلى السماء الدنيا وتكليمه لبعض عباده في بعض الأزمنة ، وحبه ورضاه وغضبه ومقته الخ. كما نفوا أفعاله التي يوجدها شيئا بعد شيء تبعا لحكمته وأقواله التي يتكلم بها شيئا بعد شيء كذلك. ولا شك أن هذا التعطيل لأفعاله لهو كتعطيل الجهمية والمعتزلة لصفات ذاته بلا فرق أصلا ، فإذا كان هذا التعطيل لصفاته الذاتية باطلا بإقرار هؤلاء أنفسهم ، فيجب أن يكون التعطيل لصفاته الفعلية باطلا كذلك.
* * *
فالحق أن الوصف ليس بمورد التق |
|
سيم هذا مقتضى البرهان |
بل مورد التقسيم ما قد قام |
|
بالذات التي للواحد الرحمن |
فهما إذا نوعان أوصاف وأفع |
|
ال فهذي قسمة التبيان |
فالوصف بالأفعال يستدعي قيا |
|
م الفعل بالموصوف بالبرهان |
كالوصف بالمعنى سوى الأفعال ما |
|
أن بين ذينك قط من فرقان |
الشرح : يعني أن هؤلاء النافين لصفات الأفعال ممن اعتبروها نسبا وإضافات لا تقوم بالذات ، جعلوا مورد التقسيم هو الوصف ، فقالوا أن الوصف إما وصف معنى قائم بالذات ، وإما وصف فعل لا يقوم بها ، وذلك ليتأتى لهم على هذا التقسيم اعتبار بعض الصفات قائما بالذات ، وبعضها غير قائم بها.
ولكن الحق أن مورد القسمة هو نفس ما يقوم بالذات ، فيقال أن ما يقوم بالذات ويكون وصفا لها ، إما أن يكون صفة معنى لازما للذات ، وإما أن يكون صفة فعل ، والوصف بالفعل يستدعي قيام الفعل بالموصوف ، كالوصف بالمعنى سواء بسواء ، فإذا كان وصفه سبحانه بأنه عليم قد يرحى الخ يقتضي قيام العلم والقدرة والحياة به ، فكذلك وصفه بأنه خالق أو رازق أو مقدم أو مؤخر يقتضي قيام هذه الأفعال من الخلق والرزق والتقديم والتأخير ونحوها به. وهذا