منّتك والله المحال النفس فاس |
|
تحدث سوى ذا الرأى والحسبان |
لو كنت وارثه لآذاك الألى |
|
ورثوا عداه بسائر الألوان |
الشرح : وأما ثالث الطوائف من أهل التعطيل والالحاد فهو الذي ينفى الأسماء وينفى ما تدل عليه من المعاني بالكذب والبهتان ، وذلك مثل الجهمية أتباع الجهم بن صفوان ، والفلاسفة أشياع مذهب أرسطو ، وغيره من حكماء اليونان. وهؤلاء في الحقيقة جاحدون لوجود الخالق الرحمن ، فانه لا يعقل وجود ذات في الخارج بلا اسم ولا صفة ، وانما يقدر وجودها في الأذهان.
وبعد أن فرغ المؤلف من ذكر معاني الالحاد الثلاثة في أسماء الرب التي هي تسمية المخلوق بها ، أو نفى ما دلت عليه من المعاني ، أو نفيها ونفي المعاني جميعا. حذر من الوقوع في بوائق هذا الالحاد اخوانه من أهل السنة لكي ينجوا بذلك من النيران ويفوزوا بالقرب من الله في جنة المأوى التي أعدها لأوليائه ويظفروا بمغفرته ورضوانه.
ثم أوصاهم أن لا يستوحشوا من قلتهم وكثرة أعدائهم ، فان الناس كلهم موتى وأهل السنة وحدهم الأحياء ، وقد وردت الآثار بأن أهل السنة يكونون آخر الزمان غرباء. قالعليهالسلام «بدأ الاسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ ، فطوبى للغرباء ، فقيل من هم يا رسول الله؟ قال الذين يصلحون اذا فسد الناس ، وفي رواية الذين يحيون ما أمات الناس من سنتي».
ثم يسائل اخوانه من أهل السنة الذين يضيقون ذرعا بما يلقون من أذى اعدائهم فيقول : متى سلم الرسول صلىاللهعليهوسلم وأصحابه والتابعون لهم باحسان من أهل الجهل والعناد والنفاق حتى تطمعوا أنتم في السلامة منهم ، وكيف تطمعون أن تكونوا وراثا لهم دون أن تذوقوا ما ذاقوه من الأذى في نصرة الرحمن وان تجاهدوا في سبيله حق الجهاد باليد واللسان ، فهذه أماني كواذب تخدعكم بها أنفسكم ، فاستحدثوا لكم رأيا غير هذا ، واعلموا أن هذه الوراثة الكريمة لهؤلاء