موجود عندنا بالنقل الصحيح عنهم لم يفتروا فيه على الله الكذب ولم يكتموا منه شيئا ، فإذا أحلت على أحد منهم فأقبل تلك الحوالة ولا ترفضها فإنها حوالة على غني ملئ ، وقد قالصلىاللهعليهوسلم : «إذا أحيل أحدكم على ملئ فليتبع».
وقد حشد المؤلف رحمهالله جملة كبيرة من كلام هؤلاء الأئمة الكبار في كتابه الذي أسماه : (اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية) وقد سبقه إلى ذلك شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمهالله في (فتواه الحموية) كما فعل مثل ذلك أيضا الحافظ الذهبي في كتابه : (العلو للعلي الغفار) فمن أراد أن يعرف منهج القوم في عقيدتهم ، ويقف على ما خلفوه في هذا الباب من آثار وأقوال فليرجع إلى هذه الكتب وأمثالها.
ثم يقول المؤلف : إننا لو بعثنا بغارة على أهل التعطيل لا من قلب هذا الجيش المنصور ومقدمته ، بل من ساقته ومؤخرته لمزقتهم شر ممزق ولضرستهم بأنيابها حتى تذرهم كعصف مأكول ، أو كبعر بعرته الإبل في القيعان ، جمع قيعة ، وهي الأرض المستوية السبخة التي يتراءى فيها السراب وكيف يستطيع أن يقاوم هذا العسكر المتسلح بأسلحة النصوص من السنة والقرآن ، والمتترس بتروس العلم والإيمان. هؤلاء الأوباش من التتار أتباع هولاكو وجانكيز خان ، ممن يسمى بطمطم أو تنكلوشا ونحو ذلك من أسماء أهل الجهل والعدوان ، أم كيف يستطيع مقاومتهم أخو اليونان الذي هو أرسطو عابد الأوثان الملقب عندهم بالمعلم الأول وما فلسفته الإلهية كلها إلا كذب وبهتان ، فأين صورته المحضة أو محركه الأول الذي لا نعت له ولا صفة من الله الرحيم الرحمن.
أو هذا المعلم الثاني الذي هو الفارابي معلم الألحان ، والذي تغذى بلبان الصابئة في بلده حران ، فجاءت فلسفته تنضح بما في عقائد الصابئة من عبادة للنجوم والأوثان ، حيث وضع عقوله العشرة ونسب إليها كل ما لا ينسب إلا للحي القيوم ، لا سيما عقله العاشر الذي سماه بالعقل الفعال أو عقل القمر ، وهو أقرب العقول إلى عالم العناصر ، فقد جعل له التصرف في هذا العالم بالكون