ولقد أصيبوا في قلوبهم وفي |
|
تلك العقول بغاية النقصان |
فأتوا بأقوال إذا حصلتها |
|
أسمعت ضحكة هازل مجان |
هذا جزاء المعرضين عن الهدى |
|
متعوضين زخارف الهذيان |
الشرح : يعني أن لكم في هذا الادعاء الكاذب وهو قصد التوفيق والإحسان بتأويل النصوص سلفا من المنافقين ، جريتم في ذلك على نهجهم ، فقد دعوا إلى التحاكم إلى ما أنزل الله ، وإلى الرسول فأبدوا الأعراض والصدود فلما أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم جاءوا إلى الرسول صلىاللهعليهوسلم يقسمون له ما أردنا بالتحاكم إلى غيرك إلا الإحسان والتوفيق.
والمصنف يشير بذلك إلى قوله تعالى في شأن هؤلاء المنافقين (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً* فَكَيْفَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جاؤُكَ يَحْلِفُونَ بِاللهِ إِنْ أَرَدْنا إِلَّا إِحْساناً وَتَوْفِيقاً* أُولئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللهُ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً) (١) [النساء : ٦٠ ، ٦٣].
ولقد أصيب هؤلاء الحمقى المتهوكون بعمى في قلوبهم وفساد في عقولهم جزاء إعراضهم عما جاءهم به نبيهم من الهدى ، واستعاضتهم عنه بأقوال مزخرفة مموهة ، كلها سفسطة وهذيان ، لا يملك من يطلع عليها إلا أن يضحك ملء شدقيه كما يضحك الهازل المجان.
* * *
__________________
(١) روي في سبب نزول هذه الآيات أنها نزلت في رجل من الأنصار ورجل من اليهود تخاصما ، فجعل اليهودي يقول : بيني وبينك محمد ، وذاك يقول بيني وبينك كعب بن الأشرف ، وقيل نزلت في جماعة من المنافقين ممن أظهروا الإسلام أرادوا أن يتحاكموا إلى حكام الجاهلية. والله أعلم.