وكذلك أشباه هؤلاء النصارى من المسلمين من يوم أن غلوا في تعظيم المخلوقين وذلك بتأثير الجهل والطغيان المشين قد صاروا أعداء للرسول الأمين ولدينه القويم المتين ، فانهم بهذا الغلو الممقوت قد بدلوا ما جاء به من محض التوحيد شركا ووثنية ، وبدلوا ما جاء به من الايمان كفرا واباحية.
وان شئت أن تعرف مدى عداوتهم للرسول صلىاللهعليهوسلم ومخالفتهم عن امره ، فانظر الى أقواله التي جرد بها التوحيد من كل أسباب الشرك وخلصه من شوائب الوثنية ، والتي سد بها منافذ الاشراك كلها حياطة للتوحيد وحماية لبيضته.
وذلك كنهيه عن اتخاذ القبور مساجد ونهيه عن رفعها وتشييدها وايقاد السرج عليها ، ونهيه عن اتخاذ قبره عيدا ، ونهيه عن الصلاة وقت طلوع الشمس ووقت غروبها ، ونهيه أمته عن اطرائه والغلو في مدحه ، ونهيه الرجل الذي قال له (ما شاء الله وشئت) بقوله «أجعلتني لله ندا ، بل ما شاء الله وحده» الى غير ذلك مما لا يحصى كثرة من صحيح السنة المطهرة.
ثم أنظر في مقالة هؤلاء الضلال التي تفيض بألوان الشرك من دعائه صلىاللهعليهوسلم واستغاثته والعكوف على قبره واعتقاد حياته في القبر وسؤاله ما لا يطلب الا من الله ، والغلو في مدحه الى حد اعتقاد أنه أول خلق الله وأنه نور عرش الله ، وأنه الذي خلقت الأشياء جميعا من أجله ، بل الى حد اعتقاد أن الوجود كله بعض فيضه ، وأن علم اللوح والقلم قبس من علمه ، كما يقول شاعرهم المسمى بالبوصيري :
فان من جودك الدنيا وضرتها |
|
ومن علومك علم اللوح والقلم |
ثم اجمع مقالة هؤلاء المفتونين الى مقالته ووازن بينهما وائت بجميع النقاد والوزان من العقول الصحيحة والفطرة السليمة وتحر العدل في الميزان ، فحينئذ يظهر لك بأجلى بيان أي الحزبين منا ومنهم هو المنتقص المغبون ذو الجهل والعدوان.
* * *