بصحيحي البخاري ومسلم رحمهماالله فإنهما اللذان تضمنا أوثق الأخبار ، وقد أجمعت الأمة على تلقيهما بالقبول فهما من علم الدين والسنة كواسطة العقد التي تنتظم بها حباته ويتم جماله ورواؤه. ولكن ينبغي لمن يقرؤهما إذا كان يريد الانتفاع بما فيهما من علم ، أن يتجرد من كل هوى وعصبية ، وأن ينبذ كل ما يتقلده من مذاهب وآراء ، وأن لا تأخذه في نصرتها حمية الجاهلية فيجعلها حكما يزن به الآراء والأقوال ، ولا يحكم عليهما بأقوال الرجال ، وأن ينتصر لما فيهما من قول الرسول صلىاللهعليهوسلم وحكمه كما ينتصر لأقوال شيوخه الذين يقلدهم في الدين بغير برهان ولا دليل.
والحاصل أنه يجب عليه أن يقدر أنه بين يدي الرسول صلىاللهعليهوسلم يأخذ عنه مباشرة بلا واسطة أحد ، وأن القول منه صلىاللهعليهوسلم واصل إليه في أتم وضوح وأجلى بيان.
ثم يتساءل المؤلف رحمهالله فيقول : ما الذي تراه واجبا عليك حتما إن كنت ممن رزقهم الله الفهم الصحيح والإيمان الوثيق؟ هل هو أن تعرض ما قاله الناس على ما قاله الرسولصلىاللهعليهوسلم فتجعل قوله هو الميزان لقولهم أو ترى عكس ذلك فتجعل أقوالهم هي الأصل الذي تزن به أقوال المعصوم ، لا شك أن عقلك وإيمانك سيحملانك على اختيار الطريق المستقيم ، وكان التردد بين هذين الأمرين هو مفرق الطرق بين أهل الاستقامة والحق والإيمان ، وبين أهل الزيغ والجور والعدوان ، فنحن حكمنا ما قاله رسول الرحمن وجعلناه لديننا الأصل والميزان ، وهم حكموا ما قالته شيوخهم مما ألقاه إليهم الشيطان ، فشتان ما بين الطريقين شتان.
* * *
قدر مقالات العباد جميعهم |
|
عدما وراجع مطلع الإيمان |
واجعل جلوسك بين صحب محمد |
|
وتلق معهم عنه بالإحسان |
وتلق عنهم ما تلقوه هم |
|
عنه من الإيمان والعرفان |
أفليس في هذا بلاغ مسافر |
|
ينبغي الإله وجنة الحيوان |