لو لا التناوش بين هذا الخلق ما |
|
كان التفرق قط في الحسبان |
فالرب رب واحد وكتابه |
|
حق وفهم الحق منه دان |
ورسوله قد أوضح الحق المب |
|
ين بغاية الإيضاح والتبيان |
ما تمّ أوضح منه فلا |
|
يحتاج سامعها إلى تبيان |
والنصح منه فوق كل نصيحة |
|
والعلم مأخوذ عن الرحمن |
فلأي شيء يعدل الباغي الهدى |
|
عن قوله لو لا عمى الخذلان |
الشرح : وعلى طالب النجاة كذلك أن يتجرد من كل ما درسه من المذاهب والمقالات وأن يعتبرها عدما ، وأن يمحوها من صفحة ذهنه ، وأن ييمم بعقله وفكره شطر مدينة الرسول صلىاللهعليهوسلم ، وأن يخيل لنفسه كأنه يجلس بين أصحابه يتلقى معهم عنه العلم والهدى بالإحسان والمتابعة ، ثم يتلقى عنهم كذلك ما تلقوه هم من الرسول عليه الصلاة والسلام من حقائق الإيمان وأبواب العلم والمعرفة ، وأن يجعل هذا العلم النقي المصفى هو زاده في رحلته إلى الله الذي يبلغه كل ما يتمنى من رضوان الله ورحمته وجنته ، وو الله لو لا ما كتبه الله على بني آدم من الخصومات والعداوة لم يدر بخلد أحد قط أن يتفرق المسلمون في دينهم شيعا ، وأن يختصموا هكذا في ربهم فرقا ونحلا ، فإن الرب الذي يدينون له رب واحد ليس لهم رب غيره ، وكتابه الذي أنزله على رسوله حق لا ريب فيه ، وهو قد أنزله بلسان عربي مبين ليفهمه كل أحد ، فأخذ الحق منه دان قريب ، قال تعالى : (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) [القمر : ١٧] وقال : (كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ) [ص : ٢٩].
والرسول صلىاللهعليهوسلم قد أوفى على الغاية في إيضاح الحق وبيانه ، فكلامه أفصح الكلام وأبينه ، لا يحتاج معه سامعه إلى من يوضحه له ، وهو كذلك أعظم الخلق شفقة على الخلق وأكملهم رغبة في نصحهم وإرشادهم إلى الحق ، وهو أيضا أعلمهم بهذا الحق بواسطة أمين الوحي جبريل عليهالسلام ، فإذا كان هو عليهالسلام قد كملت فيه هذه الثلاثة من العلم والقدرة على البيان وإرادة النصح ،