العلى صعدا ، ولم يرتضوا لهم حاديا غيرها ، بل ركبوها وامتطوا ظهورها وساروا لا يلتفتون إلى وصل غانية ودار حبيب ، حتى لا يقطعهم عن السير إلى الحبيب القريب ، ساروا إليه رويدا رويدا سيرا لينا متتابعا ، ثم جاءوا في مقدمة الركب كسير الدليل ، ساروا إليه بإثبات صفاته العليا لا بالتحريف والإنكار والتعطيل. عرفوه بأوصافه كلها ، أوصاف كماله وجماله وجلاله ، فامتلأت قلوبهم من محبته والإيمان به ، فأطارها الشوق إليه حين افعمت من كئوس معرفته وامتلأت من أنوار صفات قدسه.
وهكذا كلما زادت المعرفة في القلب زاد معها الشوق والحب ، فأشد المحبين له حبا وأكثرهم منه مودة وقربا أعلمهم بصفاته العليا من حيث ثبوتها وكمالها واتساعها وعظمتها وآثارها في الخلق ، وأعلمهم كذلك بحقائق القرآن وما تضمنه من أبواب العلم والايمان. فالحب يتبع الشعور ، والعرفان يقوى بقوته ويضعف بضعفه ، وذلك أمر ظاهر للعيان لا يحتاج الى توضيح وبيان.
* * *
ولذاك كان العارفون صفاته |
|
أحبائه هم أهل هذا الشأن |
ولذاك كان العالمون بربهم |
|
أحبابه وبشرعة الايمان |
ولذاك كان المنكرون لها هم ال |
|
أعداء حقّا هم أولو الشنآن |
ولذاك كان الجاهلون بهذا وذا |
|
بغضائه حقا ذوي شنآن |
وحياة قلب العبد في شيئين من |
|
يرزقهما يحيا مدى الأزمان |
في هذه الدنيا وفي الأخرى يكو |
|
ن الحى ذا الرضوان والاحسان |
ذكر الإله وحبه من غير إش |
|
راك به وهما فممتنعان |
من صاحب التعطيل حقا كامتنا |
|
ع الطائر المقصوص من طيران |
أيحبه من كان ينكر وصفه |
|
وعلوه وكلامه بقران |
لا والذي حقا على العرش استوى |
|
متكلما بالوحى والفرقان |
الشرح : واذا ثبت أن المحبة تابعة للمعرفة تزيد بزيادتها وتنقص بنقصانها ،