الدبران. واعمل بصيرة قلبك في فهم النصوص وتدبرها كما أعملوا هم عقولهم في فهم الآراء في كل زمان. واكحل بنور الوحيين جفون قلبك حتى تنفتح له وتنتفع بما فيه من جليل العلم وصالح المعرفة ، واحذر أن تكحلها بما عند القوم من ترهات وأوهام فيصيبك العمى كما أصاب كثيرا ممن اكتحلوا بهذا الرغام.
وكيف تلتمس الهدى في غيرهما والله بين فيهما طرق الهدى كلها لعباده أحسن بيان وأوضحه بحيث لم يحوج خلقه معهما الى شيء آخر غيرهما من خيال مرور فلتان ، أو رأى أحمق خرفان ، فالوحي في الكفاية كل الكفاية لم يتدبره ويتجه إليه بعقله وقلبه ويستشفي به من داء جهله ، وأن تفاوت العلماء في فهمهم للوحى واستمدادهم منه بحسب ما قدر لكل منهم من استعداد في الذكاء وقدرة في الاستخراج لأكثر مما بين الأبدان من تفاوت في القوة والضعف ، فان قياس أقوى بدن الى أضعفه أقل بكثير من قياس أكمل فهم الى أنقصه ، وكما يقول الشاعر :
ولم أر أمثال الرجال تفاوتا |
|
الى المجد حتى عد ألف بواحد |
* * *
والجهل داء قاتل وشفاؤه |
|
امران في التركيب متفقان |
نص من القرآن أو من سنة |
|
وطبيب ذاك العالم الرباني |
والعلم أقسام ثلاث ما لها |
|
من رابع والحق ذو تبيان |
علم بأوصاف الاله وفعله |
|
وكذلك الأسماء للرحمن |
والأمر والنهي الذي هو دينه |
|
وجزاؤه يوم المعاد الثاني |
والكل في القرآن والسنن التي |
|
جاءت عن المبعوث بالفرقان |
والله ما قال امرؤ متحذلق |
|
بسواهما إلا من الهذيان |
إن قلتم تقريره فمقرر |
|
بأتم تقرير من الرحمن |
أو قلتم إيضاحه فمبيّن |
|
بأتمّ إيضاح وخير بيان |
أو قلتم إيجازه فهو الذي |
|
في غاية الإيجاز والتبيان |