فيعرف ربه وصفاته معرفة منزهة عن المماثلة والنقصان.
* * *
وهنا ثلاثة أوجه فافطن لها |
|
إن كنت ذا علم وذا عرفان |
ماع بالضد والأولى كذا بالامتناع |
|
لعلمنا بالنفس والرحمن |
فالضد معرفة الإله بضد ما |
|
في النفس من عيب ومن نقصان |
وحقيقة الأولى ثبوت كماله |
|
إذ كان معطيه على الإحسان |
الشرح : يعني أن من عرف ما جاء في الكتاب والسنة من حقيقة النفس وأحوالها وصفاتها وما يلازمها من العيب والنقص يستطيع أن يعبر من تلك المعرفة بنفسه إلى معرفة ربه من ثلاثة أوجه يجب أن يفطن لها كل ذي قدم راسخة في العلم والمعرفة.
الوجه الأول : أن يعرف ربه عزوجل بضد ما في نفسه من عيب ونقص ، فإذا كانت نفسه مخلوقة محدثة مربوبة مملوكة عاجزة فقيرة جاهلة ، فيجب أن يعرف ربه بأنه الرب الخالق المالك القادر الغني الحميد إلخ ..
الوجه الثاني : أن يستدل على ثبوت الكمال له سبحانه بطريق الأولى ، فإنه إذا كانت نفسه وهي مخلوقة محدثة ناقصة تتصف بأنها حية عالمة قادرة مريدة سميعة بصيرة إلخ ، فالرب أولى أن يتصف بذلك ، فإن كل كمال ثبت للمخلوق وأمكن أن يتصف به الخالق كان الخالق أولى به من المخلوق لأن المخلوق إنما استفاد هذا الكمال من خالقه ، فهو الذي أفاده هذا الكمال إحسانا منه وفضلا ، وفاقد الشيء لا يمكن أن يعطيه ، ولأنه سبحانه لو خلا من هذا الكمال الممكن له مع وجوده في المخلوق لكان في المخلوقات من هو أكمل منه ، وكل هذا باطل محال.
الوجه الثالث الاستدلال على تنزهه سبحانه عن النقص بطريق الامتناع ، وذلك أن يقال كل نقص تنزه عنه المخلوق ، فإنه يمتنع أن يتصف به الخالق ، إذ الخالق أولى بتنزهه عن النقص من المخلوق.