وكذاك يعرف من حقيقة نفسه |
|
وصفاتها بحقيقة العرفان |
يعرف لوازمها ويعرف كونها |
|
مخلوقة مربوبة بيان |
وكذاك يعرف ما الذي فيها من ال |
|
حاجات والاعدام والنقصان |
وكذاك يعرف ربه وصفاته |
|
أيضا بلا مثل ولا نقصان |
الشرح : وإذا كانت ألفاظ الكتاب الكريم وعباراته ، إما أن يراد منها معانيها الموضوعة لها : وإما أن يراد منها لوازم تلك المعاني ، وهي من الكثرة بحيث تستوعب الأشياء كلها ، فلذلك كان من عرف كتاب الله عزوجل معرفة حقيقة ووقف على كل ما تدل عليه ألفاظه من المعاني بطريق الوضع أو الالتزام فإنه يكون قد عرف حقائق الوجود كلها معرفة جلية. وكذلك يعرف كليات الأحكام والشرائع التي تلائم مصالح الناس وحاجاتهم في كل زمان ومكان علما إجماليا ، ثم تجيء السنة وهي الوحي الثاني ببيان تلك الأحكام والشرائع بالتفصيل فكلا من السنة والكتاب وحيان من عند الله قد تكفلا لمن تدبرهما أن يبلغ ذروة العلم وسنام المعرفة.
ويعرف الواقف على علم الكتاب أيضا من صفات الله العليا وأفعاله وأسمائه الحسنى ما لا يوجد مثله ولا قريبا منه في كتاب غير القرآن ، ولا في كل ما قاله الثقلان من الإنس والجان.
ويعرف من صفات البعث وأحوال اليوم الآخر ومشاهد القيامة في التفصيل والإجمال ما يجعله كأنه يعاين ذلك اليوم وكأنه يعيش فيه الآن ، ويصير مشهودا له بالقلب كشهود العيان. ويعرف كذلك من حقيقة نفسه وصفاتها وأحوالها التي تتقلب فيها ولوازمها التي لا تنفك عنها من كونها حادثة مخلوقة لله مربوبة مقهورة في قبضة يده ، وما يعتريها من الفقر والاحتياج عنها ونواحي النقص والعدم ما لا يقاس به كل ما يهرف به الفلاسفة في هذا الشأن.
ويدرك أيضا أن نفسه وهي مخلوقة مربوبة محدثة لا تماثل صفاتها صفات الأجسام ، فالرب الخالق الغني أولى بأن لا تماثل صفاته صفات المخلوقين ،