والله لا يرضى بها ذو همة |
|
علياء طالبة لهذا الشأن |
فمثالها والله في قلب الفتى |
|
وثباتها في منبت الإيمان |
كالزرع ينبت حوله دغل فيم |
|
نعه النما فتراه ذا نقصان |
وكذلك الإيمان في قلب الفتى |
|
غرس من الرحمن في الإنسان |
والنفس تنبت حوله الشهوات |
|
والشبهات وهي كثيرة الأفنان |
فيعود ذاك الغرس يبسا ذاويا |
|
أو ناقص الثمرات كل أوان |
فتراه يحرث دائبا ومغله |
|
نزر وذا من أعظم الخسران |
والله لو نكش النبات وكان ذا |
|
بصر لذاك الشوك والسعدان |
لأتى كأمثال الجبال مغله |
|
ولكان أضعافا بلا حسبان |
الشرح : يتساءل المؤلف عمن أثرت هذه القواعد؟ التي أسسها هؤلاء وبنوا عليها ما بنوا من المذاهب والآراء ، إنه لم يقل بها أحد من صحابة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ولا من التابعين لهم بإحسان ، فإنهم ما أسسوا للناس في دينهم إلا اتباع نبيهم الكريم ولم يأمروهم بالجري وراء عقول الحمقى وآراء السفهاء ، بل كلهم شدد النكير على من يأخذ بالرأي في دين الله عزوجل نصحا منهم لله وكتابه ورسوله عملا بقوله صلىاللهعليهوسلم : «الدين النصيحة قلنا : لمن يا رسول الله؟ قال : لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم».
وإن في اختلاف هذه الآراء وتناقضها ما يدل كل ذي عقل ومعرفة على أنها ليست من دين الله في شيء ، إذ لو كانت من عنده سبحانه ما اختلفت ولا تناقضت في أي عصر ولا زمان ، بل هي في حقيقتها شبه واهية لا أصل لها كأنها بيت من الزجاج قد سقط على حجر صلب فصار هشيما ، وو الله ما يرضى بها من كانت له همة علياء في طلب الحق وتسعى لمعرفته ، فمثالها في قلب أصحابها وثباتها في منبت الإيمان كهذه الحشائش الضارة الطفيلية التي تمنع الزرع من النماء والتمام ، فلا يعطي غلته كاملة. فالإيمان في قلب العبد هو غرس الله ، والنفس تنبت من حوله وفي خلاله أفنانا كثيرة من الشهوات والشبهات التي تأكله وتعوق نموه حتى يرى بعد نضرته يابسا ذاويا ناقص الثمرة ، فهو يزرع باستمرار ويتعهد