بل كل حاجات لهم فاليه لا |
|
لسواه من ملك ولا انسان |
الشرح : ومما يدل على فساد قياسهم أن هناك فرقا بين المقيس والمقيس عليه من كل وجه ، فكل ما يدعوهم لالتماس الزلفى إلى الملوك والأمراء باتخاذ الوسائط والشفعاء ليس موجودا في حق الله عزوجل. وكل ما يحتاج الملوك من أجله إلى اتخاذ الأعوان والظهراء فإن الله غني عنه ، فالملوك عاجزون عن تدبير شئون مملكتهم بأنفسهم ، فلا بد لهم ممن يعينهم على ذلك ويرفع إليهم حوائج الناس الذين لا يستطيعون الوقوف على حاجاتهم بأنفسهم ، وليس لهم قدرة كذلك على توفير ما يحتاجون إليه في كل وقت إلا بمعونة هؤلاء. فهم يقبلون شفاعتهم ووساطتهم بسبب حاجتهم إليهم ، وهم كذلك يخشون منازعتهم إياهم على الملك فيقبلون شفاعتهم خوفا منهم. وليس للملوك إرادة لقضاء حوائج كل الناس ، فهم يحتاجون إلى من يرغبهم في ذلك ويغير ارادتهم ، ويحولهم من الغضب إلى الرضى ، وكذلك هم لا يجدون عندهم الرحمة التي يمكن أن يبسطوها على الناس ، فيحتاجون إلى من يعطفهم ويرقق قلوبهم ويملأها بالرحمة والحنان والرغبة في الإحسان.
فمن أجل ذلك كله احتاجوا إلى تلك الوسائط حاجة لا ينفكون عنها في وقت من الأوقات. أما الله سبحانه فهو بعكس هؤلاء الملوك العاجزين الجاهلين ، فهو عالم الغيب كله ، يعلم أحوال جميع خلقه ، لا يحتاجون إلى من يرفع إليه حوائجهم ، وهو سبحانه ذو القدرة التامة على فعل كل ما يشاء ، لا يحتاج إلى معونة أحد في تنفيذ ما يريد.
وهو ذو فضل وإحسان ، ورحمته وسعت كل شيء من خلقه ، وهو سبحانه مريد لنفعهم والإحسان إليهم ، بل هو أرحم بعباده من الأم بولدها.
وهو لا يقبل شفاعة الشفعاء خوفا منهم ولا رغبة فيما عندهم ، فليس له إلى أحد حاجة ، ولن يبلغ أحد ضره أو نفعه ، تعالى الله عن ذلك كله جل شأنه ، بل