قدر مخطوبتك ونفاستها لبذلت لها كل ما تقدر عليه من أثمان ، ولو كنت تعلم أي دار تسكنها ، وأنها الدار التي حوت من صنوف النعيم والسرور كل ما تشتهيه الأنفس وتلذه الأعين ، ومما لم يخطر على قلب إنسان لجعلت السعي منك إليها على الأرؤس إن لم تسعف القدمان.
ولقد دللتك على الطريق المؤدي إلى هذا المسكن الطيب ، وهو العمل بالسنة والقرآن ، فإن كنت طالبا للوصول حقا فإن الطريق لا يقطعه كسلان بل شمر عن ساعد جدك وأغذ السير على مطية عزمك ولا تستطل الطريق ، فما سيرك إلا ساعة من زمان فتذكر قدر مخطوبتك وعلق بها قلبك وحدث بطيب وصالها نفسك ولا تبخل عليها بغالي المهور والأثمان ما دمت ذا قدرة وإمكان ، ولا تبال بما تلقاه في هذه الدنيا من بؤس وحرمان ، بل قدر كأن عمرك هو شهر رمضان. فأنت تصومه لعدته وتجعل يوم فطرك هو يوم وصال الأحبة والخلان ، وتغن بأوصاف حسنها في سيرك ، وأتخذ منه حداء يلهب شوقك ويجدد نشاط عزمك ، وهناك تزايلك المخاوف كلها وتصبح في سكينة وأمان.
* * *
لا يلهينك منزل لعبت به |
|
أيدي البلا من سالف الأزمان |
فلقد ترحل عنه كل مسرة |
|
وتبدلت بالهم والأحزان |
سجن يضيق بصاحب الإيمان ل |
|
كن جنّة المأوى لذي الكفران |
سكانها أهل الجهالة والبطا |
|
لة والسفاهة أنجس السكان |
وألذهم عيشا فأجلهم |
|
بحق الله ثم حقائق القرآن |
عمرت بهم هذي الديار وأقفرت |
|
منهم ربوع العلم والإيمان |
قد آثروا الدنيا ولذة عيشها ال |
|
فاني على الجنات والرضوان |
صحبوا الأماني وابتلوا بحظوظهم |
|
ورضوا بكل مذلة وهوان |
كدحا وكذا لا يفتر عنهم |
|
ما فيه من غم ومن أحزان |
الشرح : فلا يشغلنك عن السير إلى غايتك والجد للقاء محبوبتك هذا المنزل