الشرح : يناقش المؤلف رحمهالله هؤلاء النافين للصفات بحجة التركيب في معاني التركيب الستة السابقة ، وأيها يصح أن يسمى تركيبا وأيها لا يصح ، فيقول ان المعنيين الأولين للتركيب ، وهما التركب من أمور متباينة أو أمور متجاورة لا ينازع أحد في صدق مفهوم التركيب عليهما لفظا وعقلا ، وجميع الأعيان الخارجية انما يرجع التركيب فيها الى واحد من هذين النوعين.
وأما الاوسطان ، أعنى التركب من جواهر فردة غير قابلة للقسمة أو من هيولى وصورة ، فهما اللذان تنازع الفلاسفة والمتكلمون في تركب الجسم منهما ، فذهب المتكلمون الى الاول والفلاسفة الى الثاني ، وذهب النظام من المعتزلة الى تركبه من أجزاء غير متناهية ، وأما المعنيان الآخران للتركيب ، أعني التركب من الذات والصفات أو من الماهية ووجودها ، فهما اللذان دارت رحى الحرب عليهما بيننا وبين المعطلة النفاة ، فهم جعلوا وصفه سبحانه بالعلو على خلقه ، ووصفه كذلك بجميع صفاته العليا التي تثبت له بالعقل والنقل القطعيين من جملة التركيب المحال ثم نفوا مضمونها من غير برهان ولا دليل ، فجعلوا اصطلاحهم في تسمية هذا المعنى تركيبا سلما لهم الى النفي والتعطيل ، ونحن ننازعهم في تسمية هذا المعنى تركيبا ، اذ لا يدل على ذلك شيء من نقل ولا لغة ، ولئن سلمنا لهم اصطلاحهم في تسميته تركيبا ، فلا نسلم لهم أنه تركيب محال ، فان التركب من ذات واحدة وصفات لا ينافي التوحيد بأي حال.
* * *
لكن اذا قيل اصطلاح حادث |
|
لا حجر في هذا على انسان |
فنقول نفيكم بهذا الاصطلا |
|
ح صفاته هو أبطل البطلان |
وكذاك نفيكم به لعلوه |
|
فوق السماء وفوق كل مكان |
وكذاك نفيكم به لكلامه |
|
بالوحي كالتوراة والقرآن |
وكذاك نفيكم لرؤيتنا له |
|
يوم المعاد كما يرى القمران |
وكذاك نفيكم لسائر ما أتى |
|
في النقل من وصف بغير معان |