أو كالطعام يلذ عند مساغه |
|
لكن عقباه كما تجدان |
هذا هو المثل الذي ضرب الرسو |
|
ل لها وذا في غاية التبيان |
الشرح : أما أهل العلم والإيمان فهم يعرفون هذه الدنيا على حقيقتها فلا يغرهم منها بهرج ولا يخدعهم منها رواء ، وهم يضربون لها الأمثال التي تكشف عن جوهرها وتدل على قصر عمرها ، فهم يشبهونها بتلك الأفياء التي تكون ممتدة ثم تتقلص رويدا رويدا حتى تذهب وتزول ، أو بخيال طيف ألم برأس نائم ، فما استتم زورته حتى آذن بالرحيل.
أو بسحابة طلعت في يوم قيظ ، فما أن انتشر ظلها حتى طلعت عليها الشمس فمحت هذا الظل القليل ، أو بزهرة في الروض أقبل الربيع بنضرتها وازدهارها ثم آل أمرها إلى تصوح وذبول.
أو ببرق لمع من خلال السحاب فأضاء الأفق ثم انطفأ فانتشر بعده ظلام ثقيل أو بسراب يتراءى في القيعان فيهرع إليه الظمآن يحسبه ماء ، فإذا جاءه لم يرو منه الغليل ، أو بالأماني الحلوة ينعم بذكرها اللسان ويستحضر صورتها الجنان ، ثم لا يرى لها في الواقع تأويل ، والدنيا هي متاع الغرور كما سماها الله عزوجل ، وهي رأس مال العجزة المفاليس الذين أقفرت نفوسهم من كل معنى سبيل ، وهي أشبه بالطعام يحلو لآكله عند مضغه ويجد له حلاوة على لسانه ، ثم يكون نهايته عند غائط أو بول.
هذا هو المثل الذي ضربه لها الرسول صلىاللهعليهوسلم ، وهل هناك بعد القرآن أوضح وأبين من أمثال الرسول؟
* * *
وإذا أردت ترى حقيقتها فخذ |
|
منه مثالا واحدا ذا شان |
أدخل بجهدك إصبعا في أليم وان |
|
ظر ما تعلقه إذا بعيان |
هذا هو الدنيا كذا قال الرسو |
|
ل ممثلا والحق ذو تبيان |
وكذاك مثلها بظل الدوح في |
|
وقت الحرور لقائل الركبان |