الساعة موصيا لهم بالدفاع عن الإسلام والجهاد لاعلاء كلمته ضد خصومه من سائر فرق الضلال وأشياع الباطل ، مبينا أن هذا فرض حتم على كل أحد ، وليس فرضا على الكفاية حتى يكفي قيام جماعة به ويسقط الحرج عن بقيتهم.
وهذا النصر للإسلام والجهاد لإزالة كل ما يخالفه له ثلاث مراتب : فأولها وأعلاها أن يكون باليد مع القدرة والإمكان. وأوسطها أن يكون بالإرشاد والنصح والبيان لمن عجز عن إزالته باليد. وأدناها أن يكون إنكارا بالقلب وتوجها بالدعاء إلى الله أن ينصره ويعليه.
وقد بين النبي صلىاللهعليهوسلم هذه المراتب بقوله في الحديث الصحيح : «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان».
وبقوله في الحديث الصحيح الآخر : «خير القرون القرن الذي بعثت فيهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون ، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن ليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل».
ولما كان المؤلف رحمهالله ومن معه من إخوانه الموحدين ليس في مقدورهم القيام بالدرجة الأولى ، وهي نصر دين الله بالسيف والسنان ، وذلك لقلتهم وضعفهم وسط جيوش الجهل والظلم التي لها الصولة والدولة ، فقد توجه إلى الله عزوجل بهذا الدعاء الضارع والنداء الذليل ، متوسلا إليه بأحب الوسائل لديه وهي أسماؤه الحسنى وصفاته العليا ، فهو يسأله بحياة وجهه ونوره وبعظمة جلاله وشأنه وقديم سلطانه وبحق نعمه وآلائه التي أولاها ووهبها من غير سابق عمل ولا سعي تكون جزاء له ، وبحق رحمته التي وسعت جميع خلقه في الدنيا ، مؤمنهم وكافرهم ، برهم وفاجرهم ، وبحق أسمائه الحسنى كلها الدالة على صفات كماله التي يمدح ويثنى عليه بها. وبحق حمده الذي ملأ الأكوان كلها ، بل هو أضعاف