مخلوقاته ومباينته لها ، وهذا أمر تشهد له العقول والفطرة التي لم يفسدها التقليد الأعمى والعصبية لمذاهب الشيوخ والرؤساء. فضلا عما ورد من النصوص الكثيرة القاطعة التي لا يملك المبطلون لها إنكارا ولا تأويلا ، وقد أشبع المصنف رحمهالله الكلام في هذا الباب في الفصول السابقة من منظومته ، وأثبت صفة العلو من واحد وعشرين وجها ، وذكر تضافر العقل والنقل والفطرة على ذلك ، فليرجع إليها من يريد زيادة اطمئنان لقلبه.
وأعلم أن الثابت لله عزوجل من تلك الصفة هو العلو المطلق الذي يشمل علو الذات وعلو القهر وعلو القدر ، وإنما نص على علو الذات لوقوع النزاع فيه ، وقال يستحيل أن يكون خلاف ذلك ، أي أن لا يكون سبحانه عاليا على جميع خلقه ، فإنه لو لم يكن فوق المخلوقات مباينا لها لكان إما عينها كما يقوله أصحاب الوحدة ، أو حالا فيها كما يقوله الحلولية ، وكل منهما باطل بالضرورة فتعين علوه عليها ومباينته لها.
وأما استواؤه سبحانه على عرشه العظيم فيستفاد من النقل (الكتاب والسنة) قال تعالى : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) [طه : ٥] ذكر ذلك في سبعة مواضع من القرآن العظيم. وأعلم أن استواءه تعالى على العرش إنما هو على الكيفية التي يعلمها مما يليق بعظمته وجلاله. وهكذا يقال في جميع ما أخبر الله به عن نفسه ، نؤمن بها كما جاءت دون أن نبحث عن كنهها أو عن كيفية قيامها به مع اعتقاد تنزيهه عن مماثلة المخلوقين.
* * *
حي مريد قادر متكلم |
|
ذو رحمة وإرادة وحنان |
هو أول هو آخر هو ظاهر |
|
هو باطن هي أربع بوزان |
ما قبله شيء كذا ما بعده |
|
شيء تعالى الله ذو السلطان |
ما فوقه شيء كذا ما دونه |
|
شيء وذا تفسير ذي البرهان |
فانظر إلى تفسيره بتدبر |
|
وتبصر وتعقل لمعان |