تعالى : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) [الأنبياء : ٢٢] فهذا فساد لم يقع لأنه مترتب على ممتنع وهو وجود إله مع الله ، فلو وقع هذا الممتنع لوقع هذا الفساد ، كقوله سبحانه : (مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ) [المؤمنون : ٩١] فذهاب كل بما خلق وعلو بعضهم على بعض كان يترتب على وجود إله مع الله الذي هو ممتنع بحيث لو حصل لحصل.
فهذا إخبار منه سبحانه بما ينشأ عنها لو وجدت على سبيل الفرض والتقدير ، وأما الممكنات وهي التي يجوز في العقل وجودها وعدمها ، فهو يعلم ما وجد منها وما لم يوجد مما لم تقتض الحكمة إيجاده ، وعلمه محيط بجميع العالم العلوي والسفلي لا يخلو عن علمه مكان ولا زمان ، فهو يعلم الغيب والشهادة ، والظاهر والباطن ، والجلي والخفي ، ولا يطرأ على علمه غفلة ولا نسيان ، كما قال تعالى على لسان موسى عليهالسلام : (عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي فِي كِتابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى) [طه : ٥٢].
وكما أن علمه محيط بجميع العالم العلوي والسفلي وما فيه من المخلوقات بذواتها وأوصافها وأفعالها وجميع أمورها ، فهو يعلم أيضا ما كان في الماضي وما يكون في المستقبل الذي لا نهاية له ، ويعلم ما لم يكن لو كان ، أي لو قدر كونه كيف وعلى أي حال يكون.
ويعلم أحوال المكلفين منذ أنشأهم وبعد ما يميتهم وبعد ما يحييهم ، قد أحاط علمه بأعمالهم كلها ، خيرها وشرها ، وجزاء تلك الأعمال وتفاصيل ذلك في دار القرار.
والدليل العقلي على علمه تعالى أمور.
أولها : أنه يستحيل إيجاده الأشياء مع الجهل ، لأن إيجاده الأشياء بإرادته ، والإرادة تستلزم العلم بالمراد ، كما قال سبحانه : (أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) [الملك : ١٤]. وثانيهما : ما في المخلوقات من الأحكام والإتقان