ولا شك أنه تفسير خاطئ ، فإن كلا من السمع والبصر معنى زائد على العلم قد يوجد العلم بدونه ، فإن الأعمى يعلم بوجود السماء ولا يراها ، وكذلك الأصم يعلم بوجود الأصوات ولا يسمعها.
وأعجب من هذا قول الأشاعرة أن كلا من السمع والبصر متعلق بجميع الموجودات ، فكيف تعلق السمع بما لا يسمع من الأشخاص والألوان ، وكيف تعلق البصر بما لا يرى من الأصوات المسموعة بالآذان.
وأعلم أن سمعه تعالى نوعان : أحدهما عام ، وهو سمعه لجميع الأصوات الظاهرة والباطنة الخفية والجلية وإحاطته التامة بها ، والثاني خاص وهو سمع الإجابة منه للسائلين والداعين والعابدين ، فيجيبهم ويثيبهم ، ومنه قوله تعالى على لسان أم مريم عليهاالسلام : (رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [آل عمران : ٣٥] وقوله على لسان ابراهيم خليله : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعاءِ) [ابراهيم : ٣٩] ومنه قول المصلي (سمع الله لمن حمده) أي استجاب له وقبل منه.
* * *
وهو العليم أحاط علما بالذي |
|
في الكون من سر ومن إعلان |
وبكل شيء علمه سبحانه |
|
فهو المحيط وليس ذا نسيان |
وكذاك يعلم ما يكون غدا وما |
|
قد كان والموجود في ذا الآن |
وكذاك أمر لم يكن لو |
|
كان كيف يكون ذا إمكان |
الشرح : هذا تفسير لاسمه العليم بأحسن وجه وأجمعه ، فقد ذكر إحاطة علمه تعالى بجميع المعلومات من الواجبات والممتنعات والممكنات ، أما الواجبات فإنه سبحانه يعلم ذاته الكريمة ونعوته المقدسة التي لا يجوز في العقل انتفاؤها بل يجب عنده ثبوتها ووجودها ، وأما الممتنعات فإنه يعلمها حال امتناعها ، ويعلم ما يترتب على وجودها لو وجدت كما أخبر عن الآثار المترتبة على وجود آلهة معه في قوله