إدراك فمعنى السميع المدرك لجميع الأصوات ، سرها وعلنها ، فلا يخفى عليه شيء منها مهما خفت ، بل جميع الأصوات بالنسبة إلى سمعه سواء ، كما أن بعيدها والداني ، أي القريب سواء ، فسمعه سبحانه حاضر عند كل صوت منها ، لا تشتبه عليه ولا يختلط بعضها ببعض ، ولا يتميز بعضها عن بعض بوضوح أو خفاء.
ومعنى البصير المدرك لجميع المرئيات من الأشخاص والألوان مهما لطفت أو بعدت ، فلا يؤثر على رؤيته بعد المسافات والأقطار ، ولا تحول دونها الحواجز والاستار ، فهو يرى دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء ، بل ويرى مسالك الغذاء من أمعائها وأربطة مفاصلها وعروقها بعينه التي لا تنام ، ويرى خيانات الأعين ، وهي اختلاس النظر إلى محاسن النساء.
قال ابن عباس رضى الله عنهما (هو الرجل يدخل على أهل البيت وفيهم المرأة الحسناء ، أو تمر به وبهم المرأة الحسناء ، فإذا غفلوا لحظ إليها ، فإذا فطنوا غض بصره عنها ، فإذا غفلوا لحظ ، فإذا فطنوا غض).
وقال الضحاك (خائنة الأعين) هي الغمز وقول الرجل رأيت ولم ير أو لم أر وقد رأى.
ويرى سبحانه كذلك تقلب الأجفان ، أي حركتها بين الإطباق والتفتيح والمقصود أن بصره سبحانه محيط بجميع الأشياء ، جليلها وحقيرها ، صغيرها وكبيرها ، كثيفها ولطيفها ، لا يستتر عنه شيء منها.
روى أبو داود في سننه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلىاللهعليهوسلم قرأ هذه الآية (إِنَّ اللهَ كانَ سَمِيعاً بَصِيراً) [النساء : ٥٨] فوضع إبهامه على أذنه والتي تليها على عينه.
ومعنى الحديث أنه سبحانه يسمع بسمع ويرى بعين ، فهو حجة على المعتزلة وبعض الأشاعرة الذين يجعلون سمعه علمه بالمسموعات ، وبصره علمه بالمبصرات