فصل
وهو المكلم عبده موسى بتك |
|
ليم الخطاب وقبله الأبوان |
كلماته جلت عن الإحصاء والتعداد |
|
بل عن حصر ذي الحسبان |
لو أن أشجار البلاد جميعها ال |
|
أقلام تكتبها بكل بنان |
والبحر تلقى فيه سبعة أبحر |
|
لكتابة الكلمات كل زمان |
نفدت ولم تنفد بها كلماته |
|
ليس الكلام من الإله بفان |
الشرح : سبق الكلام على صفة الكلام بما يغني هنا عن إعادته ، ولكن وفاء بحق الشرح نجمل ذلك في أن الله تبارك وتعالى متكلم متى شاء وكيف شاء ، لم يزل ولا يزال موصوفا بصفة الكلام ، وأن كلامه من صفاته الذاتية الفعلية غير مخلوق كسائر صفات أفعاله المتعلقة بمشيئته وقدرته ، وأنه كلم عبده موسى بن عمران كفاحا من غير واسطة بكلام سمعه موسى وناداه وقربه نجيا ، كما ورد بكل ذلك آيات الكتاب العزيز. وأنه كلم من قبله الأبوان آدم وحواء حين أزلهما الشيطان بالأكل من الشجرة فقال سبحانه معاتبا لهما : (أَلَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ) [الأعراف : ٢٢] وأن كلماته لا حصر لها ولا عد إذ كان ما تعلقت به لا يدخل تحت حصر وعد.
فهو يتكلم بما يتعلق بذاته وصفاته وأفعاله ، وبما يتعلق بجميع مخلوقاته وأحكامه القدرية والشرعية والجزائية وكلماته كلها صدق وعدل صدق في الاخبار وعدل في الأوامر والنواهي والأحكام ، كما قال سبحانه : (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [الأنعام : ١١٥].
وأما قوله (لو أن أشجار البلاد جميعها) إلخ الأبيات فهو إشارة إلى قوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ) [لقمان : ٢٧].
يقول العلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمهالله :