(واعلم أن صفة الكلام من صفاته الذاتية من حيث تعلقها وقيامها بذاته واتصافه بها ، ومن صفاته الفعلية من حيث تعلقها بقدرته ومشيئته. فإذا كان من المعلوم أن الله لم يزل ولا يزال كامل القدرة نافذ المشيئة علم أنه لم يزل ولا يزال متكلما إذا شاء لأن الكلام من أعظم صفات الكمال التي يستحيل نفيها عن الله تعالى وكلماته غير متناهية فلا تفنى ولا تبيد.
ولم يقدر الله حق قدره من زعم أن كلامه مخلوق في جملة المخلوقات التي تنتهي وتصور هذا القول كاف في رده) أه.
* * *
وهو القدير وليس يعجزه إذا |
|
ما رام شيئا قط ذو سلطان |
وهو القوي له القوى جمعا تعا |
|
لى الله ذو الأكوان والسلطان |
وهو الغني بذاته فغناه ذا |
|
تي له كالجود والإحسان |
وهو العزيز فلن يرام جنابه |
|
أنى يرام جناب ذي السلطان |
وهو العزيز القاهر الغلاب لم |
|
يغلبه شيء هذه صفتان |
وهو العزيز بقوة هي وصفه |
|
فالعز حينئذ ثلاث معان |
وهي التي كملت له سبحانه |
|
من كل وجه عادم النقصان |
الشرح : ومن أسمائه الحسنى سبحانه (القوي والعزيز) وقد وردا كذلك مقترنين في غير موضع من القرآن ، كقوله تعالى : (وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) [الحج : ٤٠](كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) [المجادلة : ٢١](وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) [الحديد : ٢٥](إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ) [هود : ٦٦].
أما القوي فهو ذو القوة وقوته سبحانه لا يطرأ عليها ما يطرأ على القوى المخلوقة من وهن وفتور أو تلاش وزوال ، فهو لا يعيا بخلق شيء ولا يمسه من ذلك نصب ولا لغوب. وجميع القوى المخلوقة هي له سبحانه فهو الذي أودع