زملاءه من ذي قبل. مضافا إلى دواع اخر بعثته على الحذف والتحريف.
أضف إلى ذلك اختلاف ما بين مصاحف الآفاق التي أرسلها عثمان ، فكان دليلا قاطعا على التحريف. (١) هكذا زعم المحدث النوري!.
قلت : ما ذكره بهذا الشأن لإثبات مزعومه لا يعدو سرد حادثة جمع المصاحف على عهد عثمان ، وتوحيدها وبعث نسخ منها إلى الآفاق ، وكان المشروع بمرأى من الصحابة ومع موافقتهم ، (٢) ولم يأت في شيء منها دلالة على وقوع تحريف على يد عثمان أو على يد ذويه. ولم ندر من أين عرف النوري أنّ فيها دلالة على ذلك.
وقد أحسّ الرجل بوهن استنتاجه فتداركه أخيرا بقوله : إنّ مدّعي السقوط وإن كان يحتاج إلى إقامة دليل (٣) إلّا أنّ الثقة بمطابقة الجمع الثاني للجمع الأول تتوقّف على الثقة بعدالة الناسخين وضبطهم. الأمر الذي يعلم انتفاؤه.
لكنّا شرحنا حادث توحيد المصاحف بتفاصيله (٤) ممّا يبعث على الاطمئنان بعدم تغيير في نصّ الأصل ، وإنّما الاختلاف وقع في رسم الخط الذي لا يمسّ جانب التحريف.
ومن ذلك يعرف مدى صلة اختلاف مصاحف الآفاق بموضوع البحث!.
* * *
وثامنا : روايات عامّية رواها أهل الحشو ، نقلها جلال الدين السيوطي في التفسير وفي الإتقان ، وغيره من أصحاب الحديث. (٥)
وقد ذكرنا شطرا منها عند التعرّض لمسألة «التحريف عند حشويّة العامّة».
وكانت لا وزن لها ولا اعتبار لا سندا ولا مدلولا ، ما دامت تخالف صريح القرآن وما
__________________
(١) ـ فصل الخطاب ، ص ١٤٩ ـ ١٧٠.
(٢) ـ وقد أسلفنا (التمهيد ، ج ١ ، «موقف الصحابه تجاه المشروع المصاحفي») موافقة الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام مع أصل المشروع وذكر السيد رضي الدين ابن طاووس في كتابه «سعد السعود ، ص ٢٧٨» أنّ ما فعله عثمان كان برأي مولانا علي بن أبي طالب عليهالسلام.
(٣) ـ كلامه هذا يدلّ على عدم ثقته بوفاء دلائله لإثبات المقصود. راجع : فصل الخطاب ، ص ١٥٣.
(٤) ـ التمهيد ، ج ١ ، «توحيد المصاحف».
(٥) ـ فصل الخطاب ، ص ١٧١ ـ ١٨٣.