الروايات بذلك من الفريقين. (١)
قال الثعالبي : والزكاة في الآية عامّ تشمل المفروضة والتطوّع بالصدقة ولكلّ أفعال البرّ ، ثمّ وصفهم سبحانه بتكثير الركوع ، وخصّ بالذكر لكونه من أعظم أركان الصلاة. قال : هذا هو الصحيح في تأويل الآية. ولكن اتّفق مع ذلك أنّ عليّ بن أبي طالب أعطى خاتمه وهو راكع. قال السدّي : وإن اتّفق ذلك لعليّ فالآية عامّة. (٢)
هكذا يخرج من تفسير الآية بهذا الاختصار المبتور! نعم هكذا استحوذ عليهم شيطان الحقائد فأنساهم ذكر الله!
وهذا عبد الله بن الزبير يحاول إثبات كون سورة الإنسان مكّية ، لماذا؟ لأنّه كان يرغمه وجود آيات في القرآن ناصّة على فضائل آل الرسول صلىاللهعليهوآله! إنّه كان يحمل الضغينة لآل البيت حقدا وحسدا (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ). (٣) فقد أسقط ذكر النبيّ من خطبة الجمعة ، معتذرا أنّي كلّما رأيت بني هاشم إذا جاء ذكر النبيّ اشرأبّوا وأشرقت ألوانهم وطالت رقابهم. والله ما كنت لآتي لهم سرورا وأنا أقدر عليه!
وهكذا سار من ورائه بعض مبتذلة أهل التفسير كابن كثير وأخيرا سيّد قطب مستشهدين بالسياق ، تاركين وراءهم إجماع أئمّة التفسير. (٤)
قال الحافظ الحسكاني : اعترض بعض النواصب بأنّ هذه السورة مكية ، وهذه القصة (نذر الصدّيقة الزهراء صوم ثلاثة أيّام استشفاء لولديها الحسن والحسين. ثمّ إعطاء أقراصهم إلى المسكين واليتيم والأسير في ليال ثلاث متواليات) مدنيّة!
فقال ردّا عليه : قال الأكثر : إنّها مدنية ، ونصوص الأئمّة على الترتيب شاهدة عليه. (٥)
__________________
(١) ـ في الدرّ المنثور ، ج ٢ ، ص ٢٩٣ روايات متظافرة بأنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال للسائل : من أعطاك هذا الخاتم؟ قال : هذا الراكع ، وأشار إلى علي وهو يصلّي في ناحية المسجد. فأنزل الله الآية فقرأها على أصحابه ثمّ قال : فمن كنت مولاه فعليّ مولاه ، اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه.
(٢) ـ تفسير الثعالبي ، ج ١ ، ص ٤٣٨.
(٣) ـ النساء ٤ : ٥٤.
(٤) ـ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ، ج ٢٠ ، ص ١٢٣ و ١٢٨ و ١٤٧ ؛ وراجع : الجزء الأوّل من التمهيد ، «سور مختلف فيها ، سورة الإنسان».
(٥) ـ شواهد التنزيل ، ج ٢ ، ص ٣١٠ ـ ٣١٥.