وهكذا حقّق العلّامة الطبرسي في تفسيره. (١)
نعم ، إذا كانت تلك حالة أهل الضغائن من أصحاب التفسير ، دأبوا يحاولون في إخفاء الحقيقة مهما بلغ الأمر ، وكانت السياسة القائمة يومذاك تواكب نظرة الإخفاء من فضائل آل الرسول صلىاللهعليهوآله فلا غرو أن لا تعرف اليوم من فضائلهم ، أو من مساوئ أعدائهم ، شيئا مذكورا في القرآن الكريم.
إنّ في القرآن الشيء الكثير من الدلائل اللائحة بفضلهم وشرفهم ، وقد نزلت كثير من الآيات إشادة بشأنهم الرفيع ، لو تدبّرها متدبّر بعين بصيرة وقلب واع خبير ، لا أن تكون العيون عمشا والقلوب سودا.
أخرج الكليني بإسناده عن أبي مسروق ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : إنّا نكلّم الناس فنحتجّ عليهم بقول الله تعالى : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) (٢) فيقولون : نزلت في امراء السرايا! فنحتجّ عليهم بقوله تعالى : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ..). (٣) فيقولون : نزلت في المؤمنين! ونحتجّ عليهم بقوله تعالى : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) (٤) فيقولون : نزلت في قربى المسلمين! قال : فلم أدع شيئا ممّا حضرني ذكره من هذه وشبهه إلّا ذكرته! (٥)
وعليه فليذهب عن بصرك غشاء التعامي ، ولتتحرّر نفسك من أغلال الأحقاد الجاهلية النكراء ، وبعده (فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها). (٦)
١ ـ وهذا هو معنى قول الإمام الصادق عليهالسلام : لو قد قرئ القرآن كما انزل لألفيتنا فيه مسمّين. (٧)
قوله «كما انزل» أي غضّا طريّا من غير أن يشوبها كدر الأوهام ، أو تلبيسات أهل الزيغ والباطل.
__________________
(١) ـ مجمع البيان ، ج ١٠ ، ص ٤٠٥.
(٢) ـ النساء ٤ : ٥٩.
(٣) ـ المائدة ٥ : ٥٥.
(٤) ـ الشورى ٤٢ : ٢٣.
(٥) ـ الكافي ، ج ٢ ، ص ٥١٣ ـ ٥١٤.
(٦) ـ الروم ٣٠ : ٥٠.
(٧) ـ تفسير العياشي ، ج ١ ، ص ١٣ ، رقم ٤.