ولنذكر شاهدا على ذلك :
قال تعالى : (وَإِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ...). (١)
قال الإمام أبو جعفر الباقر عليهالسلام : اولوا الأمر هنا هم الأئمّة المعصومون.
قال الشيخ : أبو جعفر الطوسي : وهو الأقوى لأنّه تعالى بيّن أنّهم متى ردّوه إلى اولي العلم علموه ، والردّ إلى من ليس بمعصوم لا يوجب العلم ، لجواز الخطأ عليه بلا خلاف ، سواء أكانوا امراء السرايا أو العلماء. (٢)
فهذه الآية الكريمة ـ وفق هذا التفسير الراجح ـ دلّتنا على مقام عصمة الأئمّة عليهمالسلام من الخطأ في الرأي والاجتهاد.
وآية اخرى جاءت لتدلّ على مقام عصمتهم عليهمالسلام عن ارتكاب الذنوب ، سواء أكان قبل تصدّيهم لمقام الإمامة أم كان بعدها ، وهي العصمة المطلقة التي تقول بها الإمامية شرطا أوّليا في ولاة أمر المسلمين (النبيّ وخلفاؤه الأئمّة الهداة عليهمالسلام) والآية هي قوله تعالى : (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ). (٣)
قال الإمام الرازي : احتجّ الروافض بهذه الآية على القدح في إمامة أبي بكر وعمر ، لأنّهما كانا كافرين وكان صدق عليهما في تلك الحالة أنّهما لا ينالان عهد الإمامة البتّة. وإذا صدق عليهما في ذلك الوقت أنّهما لا ينالان عهد الإمامة البتّة ولا في شيء من الأوقات ، ثبت أنّهما لا يصلحان للإمامة.
وأيضا فإنّهما كانا مذنبين ، إذ كان يجوز عليهما ارتكاب الذنب بعد أن لم يكونا معصومين بالاتفاق.
ثمّ أخذ في النقض والردّ ، وأخيرا قال : والمراد من الإمامة هنا ما يشمل النبوّة فمن كفر بالله طرفة عين لا يصلح لهذا المقام الرفيع. (٤) انتهى بتصرّف واختزال.
__________________
(١) ـ النساء ٤ : ٨٣.
(٢) ـ التبيان ، ج ٣ ، ص ٢٧٣.
(٣) ـ البقرة ٢ : ١٢٤.
(٤) ـ التفسير الكبير ، ج ٤ ، ص ٤١ ـ ٤٢ (المسألة الرابعة).