يدلّك على ذلك ما رواه الكليني بإسناده عن أبي بصير ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن قوله تعالى : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ). (١) قال : نزلت في عليّ والحسن والحسين. قلت : إنّ الناس يقولون : فما له لم يسمّ عليّا وأهل بيته في كتاب الله! قال عليهالسلام : قولوا لهم : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله نزلت عليه الصلاة ولم يسمّ الله لهم ثلاثا ولا أربعا ، حتّى كان رسول الله صلىاللهعليهوآله هو الذي فسّر ذلك لهم ... (٢)
قال سيّدنا الاستاذ رحمهالله تعقيبا على ذلك : هذه الصحيحة حاكمة على جميع تلك الروايات ، وموضّحة للمراد منها ، أي أنّ ذكرهم عليهمالسلام في الكتاب إنّما كان بالنعوت والأوصاف ، لا بالتسمية المتعارفة. (٣)
٢ ـ وهكذا قوله عليهالسلام : من لم يعرف أمرنا من القرآن لم يتنكّب الفتن. (٤)
أي من لم يعرف موضعنا من أمر الولاية ـ على الوصف الذي جاء في القرآن المنطبق علينا بالذات دون من سوانا ـ لم يمكنه التخلّص من مضلّات الفتن. بعد أن طرق أبوابا لا تؤدّي إلى الفوز والنجاح ، ولم يستمسك بالعروة الوثقى والحبل الممدود بين السماء والأرض. والدلائل على أنّ العترة الطاهرة والذريّة الباهرة هم سفن النجاة وحبل الله المتين والعروة الوثقى والسبل إلى الله والوسيلة إليه ـ كما في حديث الثقلين المتواتر ـ (٥) في القرآن كثير في كثير.
٣ ـ ومن ثمّ قال الإمام الباقر عليهالسلام : لنا حقّ في كتاب الله المحكم من الله ، لو محوه فقالوا ليس من عند الله أو لم يعلموا لكان سواء. (٦)
أي أنّ وصفنا ووصف موضعنا من أمر الولاية ـ على ما هو الحقّ الحقيق ، والجدير بهذا المقام الرفيع ـ مذكور في القرآن بالدلائل والبيّنات ، فلو أنّهم محوه ـ فرضا ـ أو لم يعلموا به ـ أي جهلوه رأسا ـ لكان سواء ، أي كان موضع جهلهم بذلك متساويا مع محوه من الكتاب ، حيث ترك التعرّض له والتدبّر بما فيه ، فضلا عن العمل به ، يتساوى مع محوه
__________________
(١) ـ النساء ٤ : ٥٩.
(٢) ـ الكافي ، ج ١ ، ص ٢٨٦.
(٣) ـ راجع : البيان في تفسير القرآن ، ص ٢٥١.
(٤) ـ تفسير العياشي ، ج ١ ، ص ١٣ ، رقم ١.
(٥) ـ فضائل الخمسة للفيروزآبادي ، ج ٢ ، ص ٤٣.
(٦) ـ تفسير العياشي ، ج ١ ، ص ١٣ ، رقم ٢.