إنّ إثبات بقاء الروح مجرّداً عن المادّة ، لا يكون كافياً في صحّة الاستعانة والاستغاثة بها إلّا إذا ثبت إمكان الاتصال بذلك الروح من عالَم الدنيا.
إنّ في القرآن الكريم آيات متعدّدة تُثبت أنّ اتصال الإنسان بعالم الأرواح أمرٌ ممكن ، بل تحقّق ذلك فعلاً ، فمثلاً :
أ : النبيّ صالح ـ عليهالسلام ـ تحدّث إلى أرواح قومه
يقول تعالى :
(فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقالُوا يا صالِحُ ائْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ* فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ* فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ). (١)
تأمّل هذه الآيات :
الآية الأُولى : تشير إلى أنّهم ـ يوم كانوا على قيد الحياة ـ طلبوا منه العذاب الإلهي الموعود.
الآية الثانية : تشير إلى نزول العذاب عليهم وموتهم جميعاً.
الآية الثالثة : تُشير إلى مقالة النبيّ صالح ـ عليهالسلام ـ بعد موتهم وفنائهم ، حيث تأسّف على المصير الأسود الذي اختاروه لأنفهسم وقال ـ مخاطباً لهم ـ : (يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ). والدليل
__________________
(١) الأعراف : ٧٧ ـ ٧٩. لقد ذكر في بعض الآيات أنّ العذاب الّذي نزل عليهم كان صيحة سماوية ـ كما في سورة هود : آية ٦ ، وفي بعضها أنّ العذاب كان صاعقة ناريّة ـ كما في سورة فُصّلت : آية ١٧ ـ وفي بعضها أنّه كان زلزلة ورجفة ، ووجه الجمع بين هذه الآيات هو أنّ الصيحة السماوية والصاعقة كانت مصحوبة بالزلزلة.