فإن قال قائل : لا مانع من طلب المعجزة من الإنسان الحي ، والبحث إنّما هو حول الطلب من الميّت.
فالجواب : أنّ الحياة بعد الموت لا يُغيّران حقيقة التوحيد والشرك ، بأن يكون الشيء توحيداً في حال الحياة وشركاً في حال الممات ، أو بالعكس ، بل تبقى الحقيقة ثابتة على كلّ حال.
نعم ... يمكن أن يكون للحياة والموت أثر في فائدة الطلب أو عدمها ، أمّا حقيقة التوحيد والشرك فلا تؤثّران فيهما.
النبيّ سليمان ـ عليهالسلام ـ يطلب عرش بلقيس
يحدّثنا القرآن الكريم أنّ النبيّ سليمان ـ عليهالسلام ـ طلب من الحاضرين عنده أن يحضر أحدهم عرش بلقيس ، بقدرة ماورائية غيبية وخارقة للطبيعة ، فقال لهم ـ كما في القرآن الكريم ـ :
(... أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ * قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ * قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قالَ هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي ...). (١)
فإذا صحّ مذهب الوهّابيّين ـ في حرمة طلب الأعمال الخارقة من أحدٍ إلّا الله ـ لكان طلب النبيّ سليمان من الحاضرين ـ إحضار عرش بلقيس بقوّة ماورائية ـ كفراً وشركاً!!
وكان طلب المعجزة ممّن يدّعي النبوّة ـ في أيّ عصر ومصر ـ كفراً وشركاً ،
__________________
(١) النمل : ٣٨ ـ ٤٠.