٣. (... وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً). (١)
إنّ معنى قوله تعالى : (جاؤُكَ) أي : جاءوا إلى النبي وطلبوا منه الدعاء والاستغفار لهم ، ولو لا هذا لكان مجيئهم لغواً وباطلاً.
إنّ تشرُّفهم بالحضور عند النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ وطلبهم الدعاء والاستغفار منه دليلٌ على حدوث ردّ فعلٍ في نفوسهم ، وحصول تغيير يُمهِّد الأرضية المناسبة لاستجابة الدعاء.
٤. يروي القرآن الكريم عن أولاد يعقوب ـ عليهالسلام ـ أنّهم طلبوا من أبيهم أن يستغفر الله لهم ، فلبّى النبيّ يعقوب طلبهم ، ووفى بوعده ، قال تعالى :
(قالُوا يا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنَّا كُنَّا خاطِئِينَ * قالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي ...).(٢)
إنّ كلّ هذه الآيات تدلّ على أنّ طلب الدعاء من الأنبياء والصالحين ـ الّذي هو طلب الشفاعة أيضاً ـ لا يتنافى مع الأحكام الشرعية والقواعد والموازين الإسلامية.
أيّها القارئ الكريم : هناك أحاديث كثيرة بشأن طلب الدعاء من الأولياء الصالحين ، وقد صرفنا النظر عن ذكرها مراعاةً للاختصار.
٣. الأحاديث النبوية وسيرة الصحابة
روى الترمذي ـ في صحيحه ـ عن أنس أنّه قال :
«سَألتُ النّبيّ أن يَشْفَعَ لي يَوْمَ القِيامَةِ فَقالَ : أنا فاعِلٌ ، قُلْتُ : فأينَ
__________________
(١) النساء : ٦٤.
(٢) يوسف : ٩٧ ـ ٩٨.