مفاهيم واضحة وإن لم نقدر على تحديدهما تحديداً بالجنس والفصل شأن أكثر المفاهيم الدارجة في الألسن.
إنّ الّذي يعشق أحداً ويُغرم بحبّه ، تراه يُقبّل جدران بيت معشوقه ويشمّ ملابسه ويلصقها على صدره ، وبعد وفاته يُقبّل قبره ويشمّ تربته ... ومع ذلك كلّه لا يعتبر أحدٌ عمل هذا العاشق عبادة للمعشوق.
كما أنّ مسارعة الناس إلى مشاهدة الأجساد المحنَّطة للزعماء في العالم ، أو مشاهدة آثارهم ومنازلهم الّتي كانوا يعيشون فيها ، والوقوف دقائق حداداً على أرواحهم ، كلّ هذا لا يُعتبر عبادة عند أيّ شعب من شعوب العالَم حتّى لو كان حبّهم وخشوعهم لأُولئك على مستوى خشوع المؤمنين لله سبحانه ، فإنّ أهل المعرفة والتحقيق هم الّذين يستطيعون الفصل بين الاحترام وبين العبادة.
أيّها القارئ الكريم : وإذا حاولنا أن نُقدّم تعريفاً منطقياً ل «العبادة» فإنّ لها ثلاثة تعاريف ، وكلّها تهدف إلى معنىً واحد.
وقد اختار الوهّابيّون تعريفين آخرين واعتمدوا عليهما ، ولكنّهما ناقصان غير كاملين ، ولنقدم الكلام في ذينك التعريفين.
تعريفان ناقصان للعبادة
أ. العبادة خضوع وتذلُّل
لقد ورد في كتب اللّغة تعريف «العبادة» ب : الخضوع والتذلُّل (١) ولكن هذا التعريف لا يعكس معنى العبادة بصورة دقيقة ، وذلك لما يلي :
__________________
(١) وقد جاء هذا المعنى في القرآن الكريم في قوله سبحانه : (وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّها عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائِيلَ) (الشعراء : ٢٢).