الشيء وتكفّلهم لمسئوليته.
ونحن إذ نعتبر الله تعالى «ربّاً» فإنّما هو بسبب أنّ شئوننا وأُمورنا ومصيرنا ـ كالموت والحياة والرزق والصحّة والتقنين والتشريع والمغفرة والعفو وغير ذلك ـ بيد الله تعالى.
والآن ... لو اعتقد إنسان أنّ أحد هذه الشئون ـ أو كلّها ـ قد خوّلها الله تعالى إلى شخص ما ، فإنّ هذا الاعتقاد يعني اعتبار ذلك الشخص «ربّاً والإيمان بهذا الربّ والخضوع له عبادة له.
وبعبارة أُخرى : إنّ العبادة تنبع من شعور الإنسان بكونه عبداً ، مملوكاً والأعلى منه مالكاً للوجود والموت والحياة والرزق ... أو ـ على الأقل ـ مالكاً لصلاحية المغفرة (١) والشفاعة (٢) فيكون بذلك قد جعل المالك «ربّاً» له ، وكلُّ من يُجسّد هذا الشعور في نفسه ويترجمه إلى قول أو فعل ، فلا شكّ أنّه يَعبُد المالك الّذي اعتبره ربّاً.
التعريف الثالث للعبادة
«العبادة : خضوع أمام من نعتبره إله العالمين أو مفوَّضاً إليه أفعاله».
العبادة هي الخضوع أمام من نعتقد انّه إله العالم ، أو من فوض إليه أعماله كالخلق والرزق والإحياء والإماتة التي تعد من الأفعال الكونية أو التقنين والتشريع وحقّ الشفاعة والمغفرة التي تعد من الأفعال التشريعية.
إنّ الموحد يعبد الله سبحانه بما انّه قائم بهذه الأفعال ، من دون أن يفوِّض شيئاً منها إلى مخلوقاته ، ولكنّ المشركين مع اعتقادهم بأنّ آلهتهم وأربابهم مخلوقون
__________________
(١) يقول تعالى : (وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ) (آل عمران : ١٣٥).
(٢) يقول تعالى : (قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً) (الزمر : ٤٤).