«أفلا تعقلون»؟!
ثالثاً : إنّ كلمة «الدعوة» لها معنىً واسع ، حتّى أنّها تُستعمل ـ أحياناً ومن باب المجاز ـ في العبادة أيضاً ، كما استدلّوا به في الآية (١) والحديث (٢) مع العلم أنّ هذه الاستعمالات الجزئية المجازية لا تكفي ، دليلاً على أن نُفسّر «الدعوة» في جميع الموارد بمعنى العبادة دائماً ، وأن نعتبر طلب الحاجة والدعاء من أحدٍ شركاً.
٤. الشفاعة حقٌّ خاصٌّ بالله سبحانه فقط
أيّها القارئ الكريم : بعد إبطال الدليل الثالث للوهّابيّة نذكر الدليل الرابع وهو قوله تعالى :
(أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ شُفَعاءَ قُلْ أَوَلَوْ كانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلا يَعْقِلُونَ * قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً ...). (٣)
ووجه الاستدلال بهذه الآية هو تصريحها باختصاص الشفاعة بالله سبحانه.
إذن : ما ذا يعني طلب الشفاعة من غير الله؟
الجواب
ليس معنى قوله تعالى : (لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً) أنّ الشفاعة خاصّة بالله ولا يحقّ لغيره أن يشفع ، لأنّه لا شكّ أنّ الله لا يشفع لأحدٍ عند آخر ، بل يعني أنّه تعالى مالك أصل الشفاعة لا الأصنام ، وذلك لأنّ الشفيع يجب أن يكون ذا عقلٍ وشعورٍ أوّلاً ومالكاً للشفاعة ثانياً ، في حين أنّ الأصنام تفقد هذين الوصفين ، ولهذا
__________________
(١) وهي «ادعوني أَستجب لكم».
(٢) وهو : الدعاء مُخّ العبادة.
(٣) الزمر : ٤٣ ـ ٤٤.