وآخر بناء أُقيم على القبر الشريف ـ والّذي لا زال حتّى الآن ـ كان في عهد السلطان عبد الحميد في عام ١٢٧٠ ه واستغرق أربع سنوات ، وبإمكانك ـ أيّها القارئ ـ مراجعة كتاب «وفاء الوفاء» للسمهودي ـ من صفحة ٣٨٣ إلى صفحة ٣٩٠ ـ للحصول على تفاصيل أُخرى حول ما مرّ على مرقد رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ من بناء وتجديد وتعمير ، طوال التاريخ الإسلامي ، وحتّى عصر السمهودي ، ومن بعده في الكتب الخاصة بتاريخ المدينة المنوّرة.
ج : حديث أبي الهيّاج
والآن قد حان الوقت في أن نبحث في الحديث الّذي يتمسّك به الوهّابيّون في حرمة البناء على القبور.
قبل كلّ شيء نذكر نصّ الحديث بالسّند الّذي رواه مسلم في صحيحه :
«حدّثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب ، قال يحيى : أخبرنا ـ وقال الآخران : حدّثنا ـ وكيعٌ عن سفيان عن حبيب بن أبي ثابت ، عن أبي وائل ، عن أبي الهيّاج الأسدي قال : قال لي عليُّ بن أبي طالب : ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله أن لا تدع تمثالاً إلّا طَمسته ولا قبراً مشرفاً إلّا سوّيته». (١)
لقد اتّخذ الوهّابيّون هذا الحديث دليلاً على حرمة البناء على القبور ، من دون أيّ تحقيق في رجاله وسنده ولا في متنه ودلالته.
__________________
(١) صحيح مسلم : ٣ / ٦١ ، كتاب الجنائز ؛ السُّنن للترمذي : ٢ / ٢٥٦ ، باب ما جاء في تسوية القبر ؛ السنن للنسائي : ٤ / ٨٨ ، باب تسوية القبر.