هذا وقد كان للنبي سليمان ـ بتصريح القرآن الكريم ـ السلطة على الريح ، تجري بأمره حيث يشاء قال تعالى :
(وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ عاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عالِمِينَ). (١)
إنّ ما يُلفت الانتباه ـ في هذه الآية ـ هو قوله سبحانه : (تَجْرِي بِأَمْرِهِ) حيث يدلّ على سلطة سليمان الغيبية على الريح ، وتحكُّمه في مسيرها ومجراها.
٤. النبيّ عيسى عليهالسلام والقدرة الغيبية
يمكننا أن نتعرّف على جانب من القدرة الغيبية التي كانت للنبيّ عيسى ـ عليهالسلام ـ من خلال التأمّل في الآيات القرآنية التي تتحدّث عنه وعنها ، ومنها قوله تعالى ـ عن لسان عيسى ـ.
(... أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتى بِإِذْنِ اللهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ). (٢)
لقد تكرّر قوله «بإذن الله» مرّتين في هذه الآية ، تأكيداً على أنّ التصرُّفات الغيبيّة التي يقوم بها أولياء الله إنّما هي بالاستمداد من قدرة الله تعالى وإرادته ، ولهذا ترى عيسى ـ عليهالسلام ـ يعتبر تصرُّفاته كلّها رهينة بإذن الله تعالى ، وهكذا غيره من الأنبياء والأولياء قال تعالى :
(... وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ ...). (٣)
ولكنّك ترى في الوقت نفسه أنّ النبيّ عيسى ينسب كلّ أعماله الغيبية إلى
__________________
(١) الأنبياء : ٨١.
(٢) آل عمران : ٤٩.
(٣) الرعد : ٣٨.