من أصدقائه الأوفياء بأن يقوموا على جنازته بعد وفاته ويدعوا له ، فهو بذلك قد طلب الشفاعة منهم ، وهيّأ أسباب شفاعة عباد الله لنفسه.
وقد أفرد البخاري ـ في صحيحه ـ باباً بعنوان «إذا استشفعوا إلى الإمام ليستسقي لهم ، لم يردّهم» وأفرد أيضاً باباً آخر بعنوان «إذا استشفع المشركون بالمسلمين عند القحط». (١)
وتدلّ الأحاديث الّتي ذكرها في هذين البابين أنّ طلب الشفاعة هو طلب الدعاء بذاته ، ولا يجوز تفسير ذلك بمعنى آخر.
إلى هنا ننتهي من الاستدلال الأوّل ، وقد ثبت أنّ طلب الشفاعة ليس إلّا طلب الدعاء لا غير.
والآن نبدأ البحث عن الموضوع الثاني وهو أنّ طلب الدعاء من المؤمن مستحب ، فكيف من الأنبياء وأولياء الله تعالى؟!
٢. القرآن وطلب الدعاء من الصالحين
إنّ الآيات القرآنية تشهد بأنّ طلب النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ المغفرة من الله لبعض عباده مُفيدٌ ونافع جدّاً ... يقول تعالى :
١. (... وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ...). (٢)
٢. (... وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ). (٣)
فما دام دعاء النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ يترك هذا الأثر الكبير والنتيجة الحسنة لمن دعا له ، فما المانع من أن يطلب الإنسان من أن يدعو له ، مع العلم أنّ طلب الدعاء ليس إلّا طلب الشفاعة منه ، قال تعالى :
__________________
(١) صحيح البخاري : ٢ / ٣٧ ، باب الاستسقاء.
(٢) محمّد : ١٩.
(٣) التوبة : ١٠٣.