ولما ذا ذكر القرآن اقتراحهم من دون أيّ نقدٍ أو ردّ؟!
أليس ذلك دليلاً على الجواز؟
وليس صحيحاً ـ قطعاً ـ أن يذكر الله تعالى كلاماً للمشركين ويمرّ عليه بدون نقد إجمالي أو تفصيلي. أو يذكر اقتراحاً للمؤمنين فيه رائحة الشرك من دون إيعاز إلى ردّه.
إنّ هذا «تقرير» من القرآن على صحّة اقتراح أُولئك المؤمنين ، وهذا يدلّ على أنّ سيرة المؤمنين الموحّدين في العالم كلّه كانت جارية على هذا الأمر ، وكان يُعتبر عندهم نوعاً من الاحترام لصاحب القبر وتبرّكاً به.
لقد كان الأولى للوهّابيّين أن يعرضوا المسألة على القرآن أوّلاً ، ثمّ يبحثوا هنا وهناك عن حديث من الأحاديث الشريفة.
وفيما يلي نذكر ما تمسّكوا به في هذا المجال ، لتقف على ضعفه وبطلانه :
أدلّة الوهّابيّين على حرمة بناء المساجد بجوار قبور الصالحين
لقد تمسّك الوهّابيّون بمجموعة من الأحاديث على حرمة بناء المسجد عند قبور الصالحين ، وفيما يلي نذكر تلك الأحاديث مع المناقشة والتحقيق :
ذكر البخاري في صحيحه ـ باب كراهة اتخاذ المساجد على القبور ـ هذين الحديثين:
١. لمّا مات الحسن بن الحسن بن عليّ ، ضربت امرأته القُبّة على قبره سنة ، ثمّ رفعَتْ ، فسمِعُوا صائحاً يقُول : ألا هَلْ وَجَدوا ما فَقَدوا؟ فأجابهُ الآخَر : بل يَئِسُوا فانْقَلَبُوا.
٢. لَعَنَ اللهُ اليَهُودَ وَالنَّصارى اتَّخذوا قُبور أَنبيائِهِم مَسْجِداً.