فلو كان الموتى قادرين على التكلّم والسماع لما صحّ تشبيه المشركين بالموتى.
٢. (... إِنَّ اللهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشاءُ وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ). (١)
والاستدلال بهذه الآية كالاستدلال بالآية السابقة ، في عدم قدرة الموتى على السماع والتكلّم ، وعلى هذا فطلب الشفاعة منهم كطلب الشفاعة من الجمادات.
الجواب
إنّ الوهّابيّة تلجأ دوماً إلى مسألة الشرك في ردّ الفِرق والمذاهب الإسلامية ، وتتّهم المسلمين بالكفر تحت ستار الدفاع عن التوحيد واختصاص العبادة به.
ولكنّها ـ في هذا الاستدلال ـ غيّرت اسلوبها وتشبَّثت بالقول : إنّ الاستشفاع بالأولياء لغوٌ ولا فائدة فيه ، لكونهم موتى.
ولكن هذه الشرذمة ـ الغريبة عن القرآن ـ تجاهلت وتغافلت عن الأدلّة العقلية والشرعية الّتي تُثبت حياة الأولياء بعد الموت.
لقد أثبت فلاسفة الإسلام أنّ الروح ـ بعد ما تتجرّد عن هذا الجسم المادّي وتستغني عنه ـ تظلّ باقية إلى ما لا نهاية ، وتتمتع بحياة وإدراك خاصّ ، وقد ذكر الفلاسفة الإلهيّون عشرة أدلّة عقلية على هذا الموضوع ، ممّا لم يترك مجالاً للشكّ والتردّد فيه ، لأهل الإنصاف والوجدان.
وبالإضافة إلى الأدلّة العقلية ... فهذا كتاب الله يُنادي ـ بأعلى صوته ـ بالحياة بعد الموت (٢) وكذلك عشرات الأحاديث الشريفة المرويّة في هذا المجال.
__________________
(١) فاطر : ٢٢.
(٢) راجع آية ١٦٩ ـ ١٧٠ من سورة آل عمران ، وآية ٤١ من سورة النساء ، وآية ٤٥ من سورة الأحزاب ، وآية ١٠٠ من سورة المؤمنون ، وآية ٤٦ من سورة غافر ، كلّها تدلّ على الحياة بعد الموت ، وقد تحدّثنا عن هذا الموضوع في فصل سابق.