فما هذا الدليل العليل أيّها الوهّابيّون؟!
وتسأل : فما معنى تلك الآيتين؟
الجواب
أوّلاً : المراد ـ بملاحظة الآيات السابقة الدالّة على سماع الموتى بعد رحيلهم ـ هو نفي الإسماع المفيد ، فإنّ سماع الموتى أو من في القبور لا يجدي نفعاً بعد ما ماتوا كافرين ، فهكذا المشركون لا يفيد إسماعهم ، فوجه الشبه في تشبيه إسماع المشركين بإسماع الموتى هو عدم فائدة الإسماع لا عدم تحقّقه ، وإلّا فهذا هو النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ، يقول : «الميت يسمع قرع النعال» في حديث أخرجه البخاري عن أنس بن مالك عن رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ قال : إنّ العبد إذا وضع في قبره وتولّى عنه أصحابه حتّى أنّه ليسمع قرع نعالهم ، أتاه ملكان فيُقعدانه فيقولان له : ما كنت تقول في هذا الرجل محمّد ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ فيقول : أشهد انّه عبد الله ورسوله إلى آخر ما نقل. (١)
وقد مرّ انّ النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ كان يزور القبور ، ويخرج آخر الليل إلى البقيع ، فيقول : السّلام عليكم دار قوم مؤمنين وأتاكم ما توعدون ، غداً مؤجلون وانّا إن شاء الله بكم لاحقون ، اللهمّ اغفر لأهل بقيع الغرقد. (٢)
اتّفق المسلمون على تعذيب الميت في القبر ، أخرج البخاري عن ابنة خالد ابن سعيد بن العاص انّها سمعت النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ وهو يتعوّذ من عذاب القبر ، وأخرج عن أبي هريرة كان رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ يدعو : اللهمّ إنّي أعوذ بك من عذاب القبر ومن عذاب النار.(٣)
__________________
(١) البخاري : الصحيح : ٢ / ٩٠ ، باب الميت يسمع خفق النعال.
(٢) صحيح مسلم : ٣ / ٦٣ ، باب ما يقال عند دخول القبور من كتاب الجنائز.
(٣) البخاري : الصحيح : ٢ / ٩٩ ، باب التعوذ من عذاب القبر من كتاب الصلاة.