فيتعين كون المقصود هو التسطيح مقابل التسنيم ، لا الهدم وجعله مساوياً بالأرض وإلّا لوجب أن يقول «إلّا سويته بالأرض».
٥. لو فرضنا أنّ الإمام ـ عليهالسلام ـ أمر أبا الهيّاج بهدم القبور المرتفعة وتسويتها مع الأرض تماماً ، فليس في الحديث ما يدلّ على وجوب هدم البناء المشيَّد على القبور ، ذلك لأنّ الإمام ـ عليهالسلام ـ قال لأبي الهيّاج ـ على فرض صحّة الحديث ـ :
«ولا قبراً إلّا سوّيته».
ولم يقل : «ولا بناءً ولا قبّة إلّا سوّيتهما» مع العلم أنّ البحث ليس عن القبر نفسه وإنّما عن الأبنية المقامة عليه.
احتمالان آخران في النهاية
هناك احتمالان آخران ، لا مناصّ من ذكرهما إتماماً للموضوع.
الأوّل : أن يكون هذا الحديث ـ وما يشابهه ـ إشارة إلى ما كان متعارفاً عند بعض الأُمم السابقة ، من اتّخاذ قبور الصالحين قبلة لعباداتهم يتوجّهون إليها عند العبادة ، وكانوا ينصبون صورةً إلى جانب القبر ، وبذلك يتركون التوجّه إلى القبلة الّتي أمرهم الله تعالى بالتوجّه إليها حال العبادة.
وعلى هذا الاحتمال فلا يمكن أن تكون لهذا الحديث أيّة صلة بقبور المسلمين ، ولم يُعهد من أيّ مسلم أن يتوجّه إليها في الصلاة أو يسجد عليها ، بل جرت سيرة المسلمين على الصلاة بجوار القبور ، من دون أن تكون قبلة لهم ، بل وجوههم نحو الكعبة ، يقيمون الصلاة ويتلون كتاب الله وهم بجوار القبور.
وإذا كان المسلمون يتسارعون إلى زيارة قبور أولياء الله الصالحين ، ويقضون هناك ساعات في عبادة الله تعالى بجوار تلك المراقد المقدّسة ، فإنّما هو بسبب ما