الّذي استنبطناه من هذا الحديث ، وأنّ الإمام أمير المؤمنين ـ عليهالسلام ـ أوصى أبا الهيّاج بتبديل القبور المسنَّمة ـ أو التي على شكل ظهر السمك ـ إلى قبور مسطّحة ، ولم يأمر بتسوية القبور بالأرض.
٣. لم ينفرد النوويّ في استنباط هذا المعنى من هذا الحديث ، بل قال به الحافظ القسطلاني في كتاب «إرشاد الساري في شرح صحيح البخاري» ، فبعد ما يذكر أنّ السنّة في القبر تسطيحه وأنّه لا يجوز ترك هذه السنّة ، لمجرّد أنّها صارت شعاراً «للروافض» وأنّه لا منافاة بين التسطيح وحديث أبي الهيّاج ... يقول :
«... لأنّه لم يُرد تسويته بالأرض وإنّما أراد تسطيحه ، جمعاً بين الأخبار». (١)
٤. تطلق التسوية تارة ويكون وصفاً لنفس الشيء بما هو هو لا بمقايسته إلى شيء آخر فعندئذٍ يتعدى إلى معقول واحد قال سبحانه : (الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى). (٢) أي فسوّاه.
وقال سبحانه : (بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ). (٣)
وتطلق مرّة أُخرى ويكون وصفاً للشيء باعتبار اضافته لشيء أُخرى الذي يعبّر عنه بمساواة شيء لشيء وعندئذٍ يتعدى إلى المفعولين إلى الأوّل بنفسه وإلى الآخر بحرف الجرّ قال سبحانه : (إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ) (٤) أي كنّا نحكم بمساواة الأصنام بربّ العالمين.
وعلى ضوء ذلك ، فالتسوية في الحديث ـ بحكم انّه لم يأخذ إلّا مفعولاً واحداً ـ وصف لنفس القبر ، وليس وصفاً له بالقياس إلى شيء آخر أي الأرض
__________________
(١) إرشاد الساري : ٢ / ٤٦٨.
(٢) الأعلى : ٢.
(٣) القيامة : ٤.
(٤) الشعراء : ٩٨.