الفصل العشرون
في البكاء على الميت قبل الدفن وبعده
لا عتب على العين والقلب عند ما يقف المرء على قبر نبيّه والأئمّة من أهل بيته ـ صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ـ وخيار صحابته ـ رضوان الله تعالى عليهم ـ أن تذرف الدموع ويحزن ، تعبيراً عمّا يكنّ في النفس من المودّة والولاء والمحبّة والتعاطف والشوق والحنين ، فإنّ هذا أمر تقتضيه الفطرة الإنسانية ولا يأباه التشريع الإلهي.
أمّا الفطرة : فالحزن والتأثّر مقتضى العاطفة الإنسانية إذا ابتلي المرء بمصاب عزيز من أعزّائه أو فلذة من أفلاذ كبده وأرحامه ، ومن عُدِم هذا الشعور عنده عُدَّ شاذّاً عن الفطرة الإنسانية ، ولا أرى أحداً فوق أديم الأرض ينكر هذه الحقيقة إنكار جدٍّ وموضوعية.
وأمّا التشريع : فيكفي في ذلك بكاء النبيّ الأقدس ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ والصحابة والتابعين لهم بإحسان على موتاهم.
فهذا رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ يبكي على ولده العزيز «إبراهيم» ويقول : «العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلّا ما يرضي ربّنا ، وإنّا بك يا إبراهيم لمحزونون». (١)
__________________
(١) سنن أبي داود : ٣ / ٥٨ ؛ سنن ابن ماجة : ١ / ٤٨٢.