٢. كما أثبتنا ـ في الموضوع الثاني ـ أنّ حقيقة الإنسان هي روحه ، وأنّ الجسد ليس إلّا رداء يُغطّي الروح ، وبقاء الروح يعني بقاء المعنويّات والكمالات والشخصية الإنسانية ـ باستثناء القدرات الماديّة الّتي تزول بزوال الجسد ـ.
وعلى هذا الأساس ... لو كانت لنفس الإنسان وروحه القدرة على الدعاء أو إنجاز أعمال إعجازية ـ عند ما كان على قيد الحياة ـ فلروحه أيضاً القدرة على إنجاز كلّ تلك الأعمال بعد موته بإذن الله تعالى.
٣. وفي الموضوع الثالث أثبتنا إمكان الاتّصال بالعالم الآخر ، بل وقوعه وحدوثه وأنّ الأرواح قادرة على سماع كلامنا وخطابنا لها ، ولا فرق بين أرواح الصالحين أو المجرمين ، كما مرّ عليك ذلك في القصص القرآنية والتاريخية.
بعد الانتباه إلى هذه الأُمور الثلاثة ، ثبت أنّ أولياء الله تعالى يسمعون كلامنا وخطابنا ، وإذا أذن الله لهم فإنّهم يردّون علينا الجواب.
والسؤال الآن : هل يجوز لنا ـ شرعاً ـ مخاطبة أرواح أولياء الله والاستعانة بها؟
الجواب يأتيك في الأمر الرابع إن شاء الله تعالى.
٤. المسلمون وطلب الحاجة من الأرواح المقدّسة
لقد تسرّع ابن تيميّة ـ وأتباعه ـ في الحكم ، فأنكروا أن يكون الصحابة والتابعون قد طلبوا حاجة من النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ فهم يقولون :
ولم يكن أحد من سلف الأُمّة ـ في عصر الصحابة ولا التابعين ولا تابعي التابعين ـ يتخيّرون الصلاة والدعاء عند قبور الأنبياء ويسألونهم ، ولا يستغيثون بهم لا في مغيبهم ولا عند قبورهم. (١)
__________________
(١) رسالة الهدية السَّنيّة : ١٦٢ طبعة المنار في مصر.