لعلّ الإنسان الجاهل بتاريخ الصحابة والتابعين ينخدع بهذا الكلام ويتصوّر صدقه وصحته ، ولكن سرعان ما يثبت له كذب هذا الادّعاء وبطلانه إذا نظر إلى التاريخ بنظرة خاطفة ، وقرأ بعينه توسُّل الصحابة وغيرهم بالنبي ، والاستغاثة به ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ.
وإليك بعض النماذج من ذلك :
١. أصاب الناس قحطٌ في عهد عمر بن الخطاب ، فجاء رجل إلى قبر النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ فقال : يا رسول الله استسق الله لأُمّتك فإنّهم قد هلكوا. فأتاه رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ في المنام فقال : ائت عمر ، فاقرئه السلام وأخبره إنّهم مسقَون». (١)
ثمّ يقول السمهودي ـ بعد ذكر هذه القضية ـ :
«ومحلُّ الاستشهاد طلب الاستسقاء منه ـ عليهالسلام ـ وهو في البرزخ ، ودعاؤه لربّه في هذه الحالة غير ممتنع ، وعلمه بسؤال من يسأله ، فلا مانع من سؤال الاستسقاء وغيره منه ، كما كان في الدنيا». (٢)
٢. ويروي السمهودي أيضاً عن الحافظ أبي عبد الله محمد بن موسى بن النعمان ، بسند ينتهي إلى الإمام عليّ أمير المؤمنين ـ عليهالسلام ـ :
«أنّ أعرابياً جاء إلى المدينة بعد ثلاثة أيّام من دفن النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ فرمى بنفسه على قبر النبي وحثا من ترابه على رأسه وقال : «يا رسول الله قلت فسمعنا قولك ، ووعيتَ عن الله سبحانه ما وعينا عنك ، وكان فيما أُنزل عليك : (... وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً) (٣) وقد ظلمتُ نفسي وجئتك تستغفر لي». (٤)
__________________
(١) وفاء الوفا : ٤ / ١٣٧١.
(٢) وفاء الوفا : ٤ / ١٣٧١.
(٣) النساء : ٦٤.
(٤) وفاء الوفا : ٤ / ١٣٦١ وقد سبق ذكر هذا الحديث في فصلٍ سابق.